في تصعيد جديد للأزمة المتنامية بين بكين وواشنطن، أعلنت الصين اليوم الجمعة، أنها ستتخذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية حقوق شركاتها ومواطنيها، وذلك ردًا على العقوبات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت مصفاة ومحطة صينية بتهمة المشاركة في تجارة النفط الإيراني.
ويأتي هذا الموقف الحازم من بكين في ظل أجواء جيوسياسية متوترة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تضييق الخناق على صادرات النفط الإيرانية بزعم تمويلها لبرامج طهران النووية والصاروخية، في حين تواصل إيران تصدير كميات قياسية من النفط رغم القيود المفروضة عليها.
وتثير هذه التطورات مخاوف من تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس”، وسط ترقب دولي لمدى تأثير هذه العقوبات على أسواق الطاقة العالمية وعلى العلاقات الصينية–الأمريكية.
الصين ترفض العقوبات الأحادية وتتعهد بالحماية
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جيا كون، خلال مؤتمر صحفي دوري، أن بلاده تعارض بشكل قاطع العقوبات أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة، داعيًا واشنطن إلى التراجع عن هذه الخطوة.
وشدد المتحدث على أن بكين ستعمل بكل الوسائل المتاحة لضمان أمن قطاع الطاقة وحماية المصالح المشروعة للشركات والمواطنين الصينيين.
كما وجهت السفارة الصينية في واشنطن تحذيرًا صريحًا، على لسان المتحدث ليو بنج يوي، من استمرار الولايات المتحدة في استغلال العقوبات بشكل غير قانوني.
تفاصيل العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، مساء الخميس، فرض عقوبات جديدة طالت نحو 100 فرد وكيان وناقلة، من بينهم مصفاة ومحطة صينية.
ووفقًا للوزارة اشترت مصفاة شاندونج جينشنج بتروكيميكال جروب ملايين البراميل من النفط الإيراني منذ عام 2023.
استقبلت محطة ريتشاو شيهوا كرود أويل تيرمينال أكثر من 10 ناقلات من “أسطول الظل الإيراني” المستخدم في تهريب النفط.
وأوضحت واشنطن أن الهدف من هذه العقوبات هو تفكيك شبكات تصدير الطاقة الإيرانية ومنع طهران من استخدام عائداتها في تمويل برامجها النووية والصاروخية ودعم وكلائها في الشرق الأوسط.
إيران تواصل تصدير النفط رغم الضغط الأمريكي
رغم الحصار الأمريكي المتصاعد، واصلت إيران تصدير كميات كبيرة من النفط.
ووفقًا لمنظمة “متحدون ضد إيران النووية”، بلغ إجمالي صادرات إيران في شهر سبتمبر نحو 63.2 مليون برميل بقيمة 4.26 مليار دولار، في رقم قياسي يعكس استمرار نشاطها النفطي رغم القيود.
وتؤكد طهران أن برنامجها النووي لأغراض سلمية فقط، فيما تعتبر واشنطن أن هذه العائدات تمول برامج عسكرية تهدد استقرار المنطقة.
سياق إقليمي متوتر
تأتي العقوبات الأمريكية الجديدة في لحظة حساسة، إذ تزامنت مع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، إلى جانب مبادلة الأسرى بين الجانبين.
ورغم هذه الخطوة التي قد تخفف من حدة التوترات الإقليمية، فإن التصعيد الأمريكي ضد إيران وشركائها التجاريين، وعلى رأسهم الصين، يهدد بإشعال توترات اقتصادية وجيوسياسية جديدة.
بكين وواشنطن.. مواجهة مفتوحة على جبهة الطاقة
يمثل قطاع الطاقة أحد أهم محاور الصراع الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة، خاصة مع اعتماد بكين على مصادر طاقة متنوعة لتلبية احتياجاتها الصناعية الضخمة.
وتعكس العقوبات الأخيرة حجم التنافس بين القوتين العظميين، ليس فقط على الصعيد السياسي، بل أيضًا في ميدان الاقتصاد والطاقة.
ومن المتوقع أن ترد الصين بخطوات عملية لحماية شركاتها، ما قد يزيد من حدة المواجهة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.