شهدت أسواق المعادن النفيسة خلال الأسبوع المنتهي تقلبات حادة، حيث تمكن الذهب من تحقيق مكاسب أسبوعية قوية بلغت 4.8%، رغم التراجع الملحوظ الذي شهده في جلسة الجمعة بنسبة 1% من أعلى مستوى له على الإطلاق.
ويأتي هذا الأداء القوي في ظل رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة الأمريكية، وارتفاع الطلب من البنوك المركزية العالمية، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية التي دفعت المستثمرين نحو الملاذات الآمنة.
ورغم هذه المكاسب الكبيرة، تعرض المعدن الأصفر لضغوط من ارتفاع الدولار الأمريكي وتعليقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الرسوم الجمركية على الصين، والتي هدأت مؤقتًا من مخاوف الأسواق. كما رافق هذه التحركات تغيرات واضحة في أسعار الفضة والبلاتين والبلاديوم، ما يعكس حالة الترقب التي تسيطر على الأسواق العالمية مع اقتراب اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
أسعار الذهب اليوم
سجلت أسعار الذهب في المعاملات الفورية انخفاضًا بنسبة 2.6% لتصل إلى 4211.48 دولارًا للأونصة، بعد أن لامس المعدن النفيس في وقت سابق من جلسة الجمعة مستوى قياسيًا جديدًا عند 4378.69 دولارًا للأونصة.
أما العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر 2025 فقد تراجعت بنسبة 0.89% لتستقر عند 4266.40 دولارًا للأونصة.
ورغم هذا التراجع في نهاية الأسبوع، فإن الذهب أنهى أسبوعه على مكاسب قوية تعكس الزخم الشرائي المدفوع بعوامل اقتصادية وجيوسياسية.
أسباب ارتفاع أسعار الذهب
أرجع المحللون الارتفاع القوي في أسعار الذهب إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، من أبرزها:
- الرهانات القوية على خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الاجتماعات المقبلة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
- الطلب المتزايد من البنوك المركزية التي تواصل تنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار.
- التوترات الجيوسياسية العالمية التي تدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة.
وقال المحلل فؤاد رزاق زاده، من “سيتي إندكس” و“فوركس دوت كوم”، إن أسعار الأسهم ارتفعت من أدنى مستوياتها بعد تصريحات إيجابية من ترامب، وهو ما أدى إلى انخفاض طفيف في أسعار الذهب نتيجة تحسن شهية المخاطرة لدى المستثمرين.
دور الفيدرالي الأمريكي والتوترات التجارية
أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيجتمع قريبًا مع الرئيس الصيني شي جين بينج، مما خفف من حدة المخاوف بشأن تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين.
وفي الوقت ذاته، أعرب عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر عن دعمه لخفض جديد في أسعار الفائدة، في ظل مخاوف تتعلق بسوق العمل.
ويتوقع المستثمرون خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الفيدرالي يومي 29 و30 أكتوبر 2025، يليها خفض آخر في ديسمبر من نفس العام.
مكاسب سنوية قوية وتوقعات مستقبلية
منذ بداية عام 2025، ارتفع الذهب بنحو 64%، مدفوعًا بالضبابية الاقتصادية العالمية، وزيادة الإقبال على الأصول الآمنة، وتراجع الثقة في الدولار الأمريكي.
ووفقًا لمذكرة بحثية صادرة عن بنك HSBC، فقد تم رفع توقعات متوسط سعر الذهب لعام 2025 بمقدار 100 دولار ليصل إلى 3455 دولارًا للأونصة، مع توقعات بأن يبلغ 5000 دولار في عام 2026 مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية.
تراجع في باقي المعادن النفيسة
لم تقتصر التقلبات على الذهب فقط، بل شملت باقي المعادن النفيسة، حيث شهدت:
- الفضة: تراجع بأكثر من 3% إلى 52.49 دولارًا للأونصة، بعد أن سجلت مستوى قياسيًا عند 54.47 دولارًا.
- البلاتين: انخفاض بنحو 6% ليصل إلى 1640 دولارًا للأونصة.
- البلاديوم: هبوط حاد بنحو 9% ليسجل 1467.38 دولارًا للأونصة.
وتعكس هذه التحركات حالة الترقب التي تسيطر على الأسواق قبيل القرارات النقدية الأمريكية المرتقبة.