شهدت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الإثنين تراجعًا ملحوظًا، بعد أن كانت قد سجلت أعلى مستوياتها التاريخية الأسبوع الماضي، في ظل تقلبات حادة تشهدها الأسواق المالية العالمية، مدفوعة بتصاعد التوترات الجيوسياسية والمخاوف الاقتصادية. ويأتي هذا الانخفاض بعد موجة مكاسب قوية عززت مكانة المعدن الأبيض كملاذ آمن للمستثمرين، في وقت تتزايد فيه التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، ما يزيد من حالة الترقب في الأسواق. وبينما يرى بعض المحللين أن هذا التراجع مؤقت، يتوقع آخرون عودة الفضة إلى الارتفاع قريبًا مع استمرار الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة عالميًا.
تراجع محلي في أسعار الفضة بعد أسبوع من المكاسب
وفقًا لتقرير مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث، انخفضت أسعار الفضة في السوق المحلية بنحو 5 جنيهات للجرام، ليسجل عيار 800 نحو 76 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 88 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام عيار 999 نحو 95 جنيهًا. كما استقر سعر جنيه الفضة عيار 925 عند 704 جنيهات.
وكانت الأسعار قد قفزت الأسبوع الماضي بنسبة 11% نتيجة الإقبال الكبير على الاستثمار في الفضة، إذ ارتفع سعر عيار 800 من 74 إلى 81 جنيهًا، وعيار 925 من 84 إلى 94 جنيهًا، فيما صعد عيار 999 من 91 إلى 101 جنيه.
انخفاض عالمي بعد بلوغ مستويات تاريخية
على الصعيد العالمي، تراجعت أسعار الفضة بنحو دولارين للأوقية لتستقر عند 52 دولارًا، مقارنة بمستواها القياسي 55 دولارًا المسجل في 16 أكتوبر الجاري، وهو الأعلى في تاريخ المعدن الحديث.
ويعزى هذا الانخفاض إلى تجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، إلى جانب توقعات قوية بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ما أثر سلبًا على شهية المستثمرين للمخاطرة.
توقعات بخفض الفائدة الأمريكية وتأثيرها على السوق
ووفقًا لبيانات أداة CME FedWatch، تتوقع الأسواق بنسبة 99% أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر، مع احتمال بنسبة 96% لخفض إضافي في ديسمبر المقبل، وهو ما يعزز التوجه نحو سياسة نقدية تيسيرية قد تدفع المستثمرين مجددًا للملاذات الآمنة مثل الذهب والفضة.
بوادر انفراج في العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين
من المنتظر عقد اجتماع بين وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينج، تمهيدًا لقمة مرتقبة بين الرئيسين ترامب وشي جين بينج. ورغم هذه الإشارات الإيجابية، ما زالت واشنطن تعتبر القيود الصينية على المعادن النادرة “عقبة رئيسية”، في حين ردت بكين بفرض رسوم إضافية، مما أعاد المخاوف من حرب تجارية جديدة.
توقعات مستقبلية متباينة لأسعار الفضة
رفعت مؤسسة بنك أوف أمريكا توقعاتها لسعر الفضة إلى 65 دولارًا للأوقية بحلول عام 2026، مدعومة بارتفاع الطلب الصناعي في مجالات الطاقة الشمسية والإلكترونيات.
في المقابل، حذر جولدمان ساكس من احتمال حدوث تصحيح سعري على المدى القصير، مشيرًا إلى تقلبات الفضة المرتبطة بالطلب الصناعي. أما ساكسو بنك فتوقع أن ترتفع الفضة إلى 100 دولار للأوقية بحلول 2026 مع توسع استخداماتها في الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة.
محللون: الفضة مرشحة لموجات صعود قوية
اتفق محللون على أن الفضة لا تزال تمتلك مقومات قوية لموجات صعود جديدة خلال الفترة المقبلة، لكنها في المقابل معرضة لتصحيحات سريعة في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي عالميًا، خاصة مع التوترات الجيوسياسية وتوجهات السياسة النقدية الأمريكية.