تعيش أسواق النفط العالمية حالة من الترقب الحذر، بعدما أعادت العقوبات الأمريكية الجديدة على شركتي النفط الروسيتين “روسنفت” و“لوك أويل” خلط أوراق السوق العالمية، وأشعلت المخاوف من اضطرابات في الإمدادات خلال الفترة المقبلة.
ورغم التراجع الطفيف في الأسعار خلال تعاملات اليوم الجمعة، فإن النفط يتجه نحو تحقيق أكبر مكاسب أسبوعية منذ يونيو الماضي، بدعم من القلق المتصاعد بشأن تأثير العقوبات على صادرات الخام الروسي وتداعياتها على توازن العرض والطلب عالميًا.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن الأسواق قد تشهد مرحلة جديدة من التقلبات، خاصة مع دخول العلاقات الروسية الصينية والهندية على خط المواجهة الاقتصادية المتصاعدة بين موسكو وواشنطن.

النفط يتجه نحو أكبر مكاسب أسبوعية منذ يونيو
انخفض خام برنت اليوم الجمعة إلى نحو 65 دولارًا للبرميل، لكنه يظل متجهًا لتحقيق ارتفاع أسبوعي بنحو 7%، بينما هبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى أقل من 62 دولارًا للبرميل.
ويرجع هذا الأداء القوي إلى تزايد المخاوف بشأن نقص الإمدادات، خصوصًا بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات مباشرة على اثنتين من أكبر شركات إنتاج النفط في روسيا.
ويُنظر إلى هذا التحرك الأمريكي كخطوة استراتيجية تهدف إلى زيادة الضغط الاقتصادي على موسكو في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.
تراجع صادرات النفط الروسي إلى الهند
أوضحت تقديرات “بلومبرج” أن صادرات الخام الروسي إلى الهند، التي تُعد أحد أكبر مستوردي النفط عالميًا، ستتراجع خلال الأسابيع المقبلة نتيجة العقوبات المفروضة على شركتي “روسنفت” و“لوك أويل”.
ولا تزال تأثيرات العقوبات على السوق الصينية غير واضحة حتى الآن، رغم كونها المستورد الأكبر للطاقة الروسية بعد فرض العقوبات الغربية على موسكو.
ويرى محللون أن هذا التراجع في المبيعات إلى الهند قد يعيد رسم خريطة التجارة النفطية العالمية، مع احتمالية إعادة توجيه جزء من الخام الروسي إلى أسواق بديلة في آسيا وأفريقيا.
ترامب يبحث الملف مع الرئيس الصيني
في تطور لافت، يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مناقشة واردات الصين من النفط الروسي خلال اجتماعه المرتقب مع نظيره الصيني شي جين بينج الأسبوع المقبل.
وتسعى موسكو، وفقًا لتقارير إعلامية، إلى إقناع بكين بزيادة مشترياتها من النفط الروسي لتعويض أي نقص ناتج عن انسحاب الهند من السوق، إلا أن خبراء الطاقة يستبعدون قدرة الاقتصاد الصيني على امتصاص كامل الفائض الروسي في ظل تباطؤ الطلب الصناعي العالمي.
روسيا تواجه العقوبات بخبرتها في الالتفاف
تشير التقارير إلى أن روسيا، التي تمتلك خبرة طويلة في التعامل مع القيود الاقتصادية الغربية منذ بداية حرب أوكرانيا، قد تلجأ مجددًا إلى شبكة ناقلات الظل والتجار المستقلين لتجاوز العقوبات الأمريكية الجديدة.
وأكد مسؤول روسي قريب من الكرملين أن العقوبات ستؤثر على ميزانية الدولة الروسية في المدى القصير، لكنها لن تُضعف قدرة موسكو على تصدير النفط بشكل كامل، خاصة مع وجود قنوات موازية خارج النظام المالي الغربي.
الاتحاد الأوروبي يوسع العقوبات على الطاقة الروسية
وفي موازاة القرار الأمريكي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة جديدة من العقوبات تستهدف قطاع الطاقة والبنية التحتية الروسية، بما في ذلك مصافي التكرير وخطوط الأنابيب ومرافئ التصدير.
وتزامن ذلك مع إعلان أوكرانيا عن استهداف منشأة تابعة لشركة “روسنفت”، ما زاد من توتر الأوضاع في سوق النفط العالمي وأدى إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق الفورية.
سوق النفط على أعتاب مرحلة جديدة
يبدو أن العقوبات الغربية الأخيرة على روسيا لن تكون مجرد خطوة سياسية، بل بداية مرحلة جديدة من إعادة تشكيل أسواق الطاقة العالمية، حيث تتجه الأنظار نحو آسيا لتحديد مستقبل الطلب على النفط الروسي.
ومع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع استهلاك الطاقة عالميًا، قد يجد العالم نفسه أمام تحديات حقيقية في استقرار الأسعار والإمدادات، وسط صراع متصاعد بين القوى الكبرى على موارد الطاقة.



















