يبدو أن المعدن الأصفر يستعد لموجة صعود تاريخية خلال السنوات المقبلة، إذ توقع بنك “جي بي مورجان” الأمريكي أن ترتفع أسعار الذهب بأكثر من 110% بحلول عام 2028، في ظل التحولات الاقتصادية العالمية وتزايد المخاطر الجيوسياسية.
ورغم التراجع الحاد الأخير في الأسعار، الذي يُعد الأكبر منذ أكثر من عقد، فإن مؤسسات مالية كبرى — من بينها جي بي مورجان وجولدمان ساكس — تؤكد أن هذا الانخفاض لا يمثل سوى تصحيح فني مؤقت، في وقت يستمر فيه المستثمرون والبنوك المركزية في تعزيز حيازاتهم من الذهب كملاذ آمن وسط تقلبات الأسواق وارتفاع معدلات عدم اليقين الاقتصادي.

تراجع مؤقت في أسعار الذهب
أكد “جي بي مورجان” أن الهبوط الأخير في أسعار الذهب جاء نتيجة عمليات جني أرباح من قبل مستشاري التداول في السلع، وليس بسبب خروج المستثمرين الأفراد الذين لا يزالون يشترون المعدن بوتيرة ثابتة.
وأشار البنك إلى أن هذا الانخفاض لا يعكس تغيرًا في الأساسيات الاقتصادية، بل يُعد تصحيحًا فنيًا مؤقتًا داخل مسار صاعد طويل الأجل.
تحول هيكلي في سلوك المستثمرين
أوضح “جي بي مورجان” أن هناك تحولًا استراتيجيًا في سلوك المستثمرين خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح الذهب يُستخدم كأداة تحوط ضد تقلبات الأسهم، بعدما فقدت السندات طويلة الأجل فعاليتها التقليدية في هذا الدور نتيجة تغير العلاقة بين الأسهم والسندات.
ويشير هذا التحول إلى تزايد ثقة المستثمرين في الذهب كأصل يحافظ على القيمة في فترات الاضطراب الاقتصادي.
استبدال أصول السندات بالذهب
كشف البنك أن المستثمرين غير المصرفيين يخصصون حاليًا نحو 2.6% من محافظهم الاستثمارية للذهب، وأنه إذا تم استبدال حوالي 2% من أصولهم في السندات بالذهب، فإن النسبة سترتفع إلى 4.6%، مما سيدعم ارتفاع الأسعار بنسبة تتجاوز 110% بحلول عام 2028.
ويرى محللون أن هذه التقديرات تعكس تحولًا في هيكل المحافظ الاستثمارية العالمية، مع توجه واضح نحو الذهب كخيار استراتيجي للتحوط من التضخم وعدم الاستقرار المالي.
توقعات “جولدمان ساكس”: صعود مستمر حتى 2026
من جانبه، أكد بنك جولدمان ساكس أن التراجع الحالي في أسعار الذهب لا يغير الاتجاه الصاعد طويل الأجل، متوقعًا أن يصل سعر الأونصة إلى 4900 دولار بحلول نهاية عام 2026.
وأوضح البنك أن الطلب المستمر من البنوك المركزية العالمية إلى جانب توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، سيقودان موجة جديدة من الاستثمار في المعدن النفيس خلال الفترة المقبلة.
العوامل الداعمة للذهب في المرحلة المقبلة
أكدت المحللة في “جولدمان ساكس”، لينا توماس، أن العوامل الأساسية الداعمة للذهب لا تزال قوية، وفي مقدمتها:
- تزايد الإقبال المؤسسي على الذهب كتحوط ضد تقلبات الأسهم.
- استمرار مشتريات البنوك المركزية من المعدن الأصفر بوتيرة مرتفعة.
- تراجع الدولار الأمريكي تدريجيًا أمام سلة العملات الرئيسية.
- توقعات خفض الفائدة الأمريكية التي تزيد من جاذبية الذهب كأصل بديل.
وأضافت توماس أن هذه العوامل تجعل من الذهب خيارًا استثماريًا جذابًا في ظل الضبابية الجيوسياسية وارتفاع المخاطر الاقتصادية العالمية.
الذهب في طريقه إلى قفزة تاريخية
في ضوء توقعات “جي بي مورجان” و”جولدمان ساكس”، يبدو أن الذهب يسير نحو عصر جديد من الارتفاعات، مدعومًا بتغيرات هيكلية في سلوك المستثمرين، وتراجع الثقة في أدوات الدخل الثابت، واستمرار الطلب العالمي القوي على المعدن النفيس.
ومع تزايد التوترات الاقتصادية والسياسية عالميًا، قد يكون الذهب أحد أبرز الرابحين في السنوات المقبلة، مع ترقب الأسواق للوصول إلى مستويات غير مسبوقة بحلول عام 2028.



















