تقرير خالد فواز
الذهب عمره ما كان مجرد معدن غالي، هو في الحقيقة درع الأمان لأي دولة أو فرد وقت الأزمات.
من أول ما بدأت البشرية تستخدم النقود، والذهب هو اللي بيحافظ على القيمة الحقيقية للثروة.
الدول بتحطه في مخازنها كاحتياطي قوي ترجع له لو حصلت أزمة اقتصادية أو انهيار في العملة، عشان كده بيقولوا دايمًا:
> “الذهب ما يعرفش الخسارة.”
من بريتون وودز لصدمة نيكسون
بعد الحرب العالمية التانية، لما كانت الدنيا كلها خارجة من الدمار، اجتمعت الدول سنة 1944 في مؤتمر اسمه بريتون وودز.
وقتها قرروا إن الدولار الأمريكي يكون مربوط بالذهب، وكل أونصة (حوالي 31 جرام) تساوي 35 دولار.
يعني اللي معاه دولار كان كأنه ماسك ذهب فعلاً، وكل عملات العالم كانت ماشية ورا الدولار.
لكن في سنة 1971 الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لغى الربط ده في قرار اتعرف بـ”صدمة نيكسون”.
من اليوم ده، الدولار بقى من غير غطاء ذهبي، وبقت قيمته نابعة من الثقة مش من المعدن.
ومن هنا بدأ عصر جديد: العملات تطبع، والذهب يفضل ثابت في مكانه، قيمته مش بتنهار ولا بتتلاعب بيها الحكومات.
الولايات المتحدة والذهب المخزّن
أمريكا النهارده عندها أكتر من 8133 طن من الذهب في مخازنها، خصوصًا في المكان الشهير فورت نوكس.
الغريب إن الحكومة الأمريكية لسه لحد النهارده بتقيّم الذهب ده بالسعر القديم 42 دولار للأونصة!
لو حسبناه بسعر السوق الحقيقي (اللي عدى 2000 دولار)، هتلاقي قيمته تعدي 16 تريليون دولار، يعني ممكن تسدد جزء ضخم من ديون أمريكا لو باعت جزء بسيط منه.
وده يورينا إن الذهب هو فعلاً أصل استراتيجي مش بيتلعب بيه.
الصين والسباق الصامت نحو الكنز
أما الصين، فهي ماشية بخطة هادئة لكنها قوية جدًا.
كل سنة بتشتري ذهب وتخزّنه في البنوك المركزية بتاعتها، لحد ما وصلت دلوقتي لأكتر من 2095 طن، وبتزود كل سنة.
هدفها واضح: تقلل اعتمادها على الدولار الأمريكي، وتقوّي عملتها (اليوان).
وبكده لو حصلت أي عقوبات أو أزمات، تبقى الصين عندها غطا ذهبي يحمي اقتصادها.
الذهب بالنسبة ليهم مش مجرد استثمار، هو سلاح اقتصادي ضد الغرب.
اليابان والسياسات الجديدة
من ناحية تانية، رئيسة وزراء اليابان الجديدة ليها وجهة نظر مختلفة.
هي شايفة إن الحل في زيادة الإنفاق الحكومي وتشغيل الاقتصاد عن طريق إصدار سندات وأذون خزانة جديدة.
الفكرة دي ممكن تدي دفعة مؤقتة للنمو، لكن لو مش مدروسة كويس هتؤدي لزيادة التضخم، وساعتها الناس هتجري على الذهب كتحوّط.
اليابان أصلًا عندها حوالي 802 طن من الذهب، ولو بدأت تشتري كميات جديدة، الأسعار هتولع أكتر لأن أي حركة من دولة كبيرة زي دي بتأثر فورًا على السوق العالمي.
ليه الكل بيحب الذهب؟
الذهب مش بيتآكل، ومش بيتأثر بانهيار عملة أو أزمة بنك.
وده السبب اللي بيخليه دايمًا الملاذ الآمن، سواء للدول أو للأفراد.
السندات ممكن تنهار، والفوائد ممكن تتغير، لكن الذهب دايمًا “واقف على رجله”.
حتى المستثمرين الكبار في العالم بقوا بيقولوا إن المحفظة الذكية لازم يكون فيها جزء من الذهب.
بعضهم بقى يخلي 20 إلى 30% من استثماراته في الذهب بدل السندات أو الودائع، لأن العلاقة بين الذهب والفائدة عكسية:
> لما الفائدة تنزل، الذهب يطلع.
ولما الفائدة تعلى، الناس تبيع ذهب وتروح للبنوك.
الخاتمة
اللي حاصل دلوقتي مش صدفة.
ارتفاع الذهب بالشكل ده سببه إن العالم كله في توتر — سياسي، واقتصادي، وحتى مالي.
كل ما تزيد الأزمات، الناس تهرب للملاذ الوحيد اللي ما يخونش: الذهب.
هو الأمان، هو القيمة، وهو التاريخ اللي ما بيتغيرش.
وعشان كده المفروض كل دولة، وكل فرد، يكون عنده جزء من ثروته “ذهبي”، لأن الزمن ممكن يتبدّل، لكن الذهب دايمًا بيحتفظ ببريقه.
المصادر:
صندوق النقد الدولي (IMF) – مؤتمر بريتون وودز 1944
U.S. Treasury Report – احتياط الذهب الأمريكي 2025
World Gold Council – تقرير يوليو 2025
Bloomberg Economic Analysis – أغسطس 2025

















