تراجعت أسعار النفط العالمية بشكل ملحوظ خلال تعاملات أمس، لتسجل أدنى مستوياتها في نحو شهر، وسط مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية التي عمّقت من خسائر السوق.
وجاء الهبوط مدفوعًا بضغط أمريكي متصاعد لدفع روسيا وأوكرانيا نحو اتفاق سلام قد يفتح المجال أمام زيادة الإمدادات النفطية الروسية، وهو ما يثير مخاوف المستثمرين من ارتفاع المعروض في السوق العالمية. كما ساهمت حالة عدم اليقين بشأن مسار أسعار الفائدة الأمريكية في زيادة قلق المستثمرين وتقليل شهية المخاطرة، ليواصل النفط خسائره ويتجاوز معدل التراجع الأسبوعي 3% لكلا خامي برنت وغرب تكساس.
ورغم دخول عقوبات أمريكية جديدة ضد شركتي النفط الروسيتين “روسنفت” و”لوك أويل” حيز التنفيذ، فإن احتمالات التوصل لاتفاق سلام بين موسكو وكييف أثارت توقعات بإعادة تدفق كميات أكبر من النفط الروسي إلى الأسواق، ما زاد من الضغط الهبوطي على الأسعار. وفي الوقت نفسه، أدى ارتفاع الدولار الأمريكي إلى زيادة كلفة شراء السلع المقومة بالدولار، ومن بينها النفط، مما ساهم في مزيد من الضغوط السلبية على الأسعار.

انخفاض كبير في أسعار النفط الأمريكية والعالمية
شهدت العقود الآجلة للنفط تراجعًا قويًا خلال تعاملات أمس:
- خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي
انخفض بنحو 94 سنتًا (1.59%) ليغلق عند 58.06 دولار للبرميل، مسجلًا تراجعًا أسبوعيًا بلغ 3.37%. - خام برنت العالمي
هبط بنحو 82 سنتًا (1.29%) ليصل إلى 62.56 دولار للبرميل عند التسوية، بخسائر أسبوعية تبلغ 2.84%.
وتتجه عقود الخامين إلى خسائر تتجاوز 3% هذا الأسبوع، حيث يقترب برنت من أدنى مستوى إغلاق منذ 21 أكتوبر، بينما يقترب خام غرب تكساس من أدنى مستوى له منذ 20 أكتوبر.
الضغوط السياسية: مباحثات السلام بين موسكو وكييف
أحد أبرز العوامل التي دفعت الأسعار إلى الهبوط كان التحرك الأمريكي لتسريع مباحثات السلام بين روسيا وأوكرانيا.
وبحسب “رويترز”، تأتي هذه التحركات رغم دخول العقوبات الجديدة على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل” حيز التنفيذ أمس.
ويرى محللون أن أي اتفاق سياسي بين الطرفين قد يمهد الطريق أمام زيادة الإمدادات النفطية الروسية في السوق العالمية، مما يعزز توقعات زيادة المعروض وبالتالي الضغط على الأسعار.
كما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تصريحاته ضرورة “توحيد الصف” وعدم التراجع عن الموقف الوطني، في ظل تسارع الجهود الدولية لوقف الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
روسيا.. لاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية
تشير البيانات الأمريكية إلى أن روسيا كانت ثاني أكبر منتج للنفط الخام عالميًا بعد الولايات المتحدة خلال عام 2024، وهو ما يجعل لأي اتفاق سلام تأثيرًا مباشرًا على تدفقات الطاقة العالمية.
وأوضح جيم ريد، العضو المنتدب في دويتشه بنك، أن تزامن أنباء المحادثات مع بدء سريان العقوبات قدم بعض الدعم للسوق على المدى القصير، رغم المخاطر المحيطة بالإمدادات.
في المقابل، حذر محللو بنك ANZ من أن التوصل لاتفاق “غير مؤكد على الإطلاق”، مشيرين إلى رفض كييف عدة مطالب روسية.
العقوبات على قطاع النفط الروسي
من بين التطورات المهمة أن شركة “لوك أويل” تمتلك مهلة حتى 13 ديسمبر المقبل للتخلص من محفظتها الدولية قبل تشديد العقوبات الأمريكية.
هذه المهلة تزيد من حالة الضبابية حول تدفقات النفط الروسي وتأثيرها على السوق.
ارتفاع الدولار يزيد الضغط على أسعار النفط
إلى جانب العوامل السياسية، لعب ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي دورًا مهمًا في دفع الأسعار للهبوط، حيث سجل المؤشر أعلى مستوى له في ستة أشهر خلال التعاملات.
ويؤدي ارتفاع الدولار إلى جعل النفط أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يقلل من الطلب العالمي ويضغط على الأسعار.



















