تسود الأسواق العالمية حالة من القلق بشأن مستقبل الدولار الأمريكي، الذي يواجه خلال الأسابيع المقبلة مجموعة من التحديات السياسية والاقتصادية، دفعت عددًا من الخبراء إلى التحذير من إمكانية دخول العملة الأمريكية في موجة تراجع جديدة.
ويأتي ذلك بالتزامن مع دخول شهر ديسمبر، الذي يُعرف تاريخيًا بأنه من أضعف الفترات أداءً للدولار، ما يضاعف حساسية الوضع الحالي في الأسواق الدولية.
ضغوط سياسية واقتصادية تهدد قوة الدولار
أشار تقرير صادر عن بنك ستاندرد بنك إلى أن الولايات المتحدة قد تشهد خلال الفترة المقبلة حكمًا حاسمًا من المحكمة العليا يقضي بعدم قانونية الرسوم الجمركية التي أعاد الرئيس دونالد ترامب فرضها بعد عودته للبيت الأبيض.
وقال التقرير إن صدور مثل هذا الحكم قد يترك أثرًا كبيرًا على السياسة التجارية الأمريكية، ويفتح الباب أمام اهتزاز ثقة المستثمرين في قدرة واشنطن على الحفاظ على استقرار سياساتها الاقتصادية، وهو ما قد ينعكس سلبًا على قيمة الدولار في الأسواق العالمية.
كما يرى الخبراء أن إلغاء هذه الرسوم، التي كانت ركيزة أساسية في توجهات الحماية التجارية داخل الولايات المتحدة، قد يعيد تشكيل المشهد التجاري الدولي، ويزيد من اضطراب توقعات الأسواق، خاصة على المدى القصير.
ترشيح رئيس جديد للفيدرالي يزيد الضغط على الدولار
من بين العوامل التي تزيد الضغوط على العملة الأمريكية، يبرز اسم كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي السابق للرئيس ترامب، كمرشح قوي لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وينظر المستثمرون إلى هاسيت باعتباره من الداعمين لتوجه خفض أسعار الفائدة، وهو ما يعزز المخاوف من دخول الفيدرالي في موجة جديدة من التيسير النقدي أكبر من المتوقع.
وأكد محللو راسل إنفستمنتس أن تعيين هاسيت قد يدفع الأسواق إلى تسعير تخفيضات إضافية في الفائدة فور الإعلان عنه، ما قد يسبب هبوطًا حادًا للدولار وربما يدفعه إلى مستويات أقل مما سجله أمام اليورو خلال العام الجاري.
اليابان على أعتاب رفع الفائدة لأول مرة منذ سنوات
في المقابل، تترقب الأسواق العالمية التطورات في السياسة النقدية اليابانية، بعد أن قدم بنك اليابان مؤشرات قوية حول إمكانية رفع الفائدة خلال الشهر الحالي. وقد رفعت الأسواق احتمالات تنفيذ هذه الخطوة إلى نحو 80%، بالتزامن مع تسعير زيادة محتملة بمقدار 25 نقطة أساس.
ويمثل هذا السيناريو تحديًا رئيسيًا للدولار، إذ من المعروف أن الين الياباني يرتفع بقوة عند أي خطوة نحو التشديد النقدي. وأشار خبراء دويتشه بنك إلى أن أي زيادة في الفائدة باليابان تميل تاريخيًا إلى دفع الدولار نحو التراجع السريع أمام الين.
ديسمبر.. الشهر الأسوأ للدولار تاريخيًا
ويتفق محللو دويتشه بنك على أن شهر ديسمبر يُعد من أضعف الشهور أداءً للدولار خلال العقد الماضي، إذ يلجأ المستثمرون خلاله عادة إلى بيع الدولار لإعادة موازنة محافظهم قبل نهاية العام، خصوصًا بعد جني أرباح من أدوات مالية أمريكية خلال الأشهر السابقة.
وتوقع الاستراتيجي تيم بيكر أن تساهم البيانات الاقتصادية الإيجابية خارج الولايات المتحدة، إلى جانب التحرك المتوقع من بنك اليابان، في تعزيز الاتجاه لبيع الدولار. ورجح البنك تراجع مؤشر الدولار بنحو 2% خلال ديسمبر، ليعود إلى مستويات شوهدت آخر مرة في الربع الثالث من العام.

















