تستعد الحكومة المصرية لاتخاذ خطوة جديدة ضمن مسار إصلاح منظومة دعم الطاقة، حيث تخطط وزارة الكهرباء لبدء تطبيق زيادة جديدة على أسعار الكهرباء اعتبارًا من شهر يناير 2026، في إطار مساعي الدولة لتقليل فجوة الدعم وتحقيق التوازن المالي للقطاع.
ومن المرجح أن تتراوح نسبة الزيادة في أسعار الكهرباء بين 15% و25% بحسب شرائح الاستهلاك، وفق ما نقلته منصة «إنتربرايز» عن مصادر مطلعة، في ظل استمرار الفجوة الكبيرة بين تكلفة إنتاج الكهرباء وسعر البيع النهائي للمستهلك.
أسباب تحريك أسعار الكهرباء
أوضح مصدر حكومي أن عودة خطة تحريك أسعار الكهرباء تأتي تزامنًا مع تراجع معدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة، وتحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية بشكل نسبي، ما أتاح للحكومة فرصة إعادة ضبط فاتورة دعم الطاقة.
وأشار إلى أن الحكومة تُجري حاليًا مراجعات شاملة لهيكل أسعار الكهرباء، في ضوء التطورات المتعلقة بأسعار الصرف والتقلبات العالمية في أسعار الوقود، تمهيدًا لعرض تصور نهائي على مجلس الوزراء للموافقة عليه خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن التوسع المتسارع في إنتاج الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة، وضخ قدرات إضافية في الشبكة القومية للكهرباء، قد يسهم في الحد من حجم الزيادات المستقبلية، وربما يسمح بتحقيق مبدأ استرداد التكلفة دون تحميل المواطنين أعباء كبيرة خلال العام المالي المقبل.
مراجعات صندوق النقد الدولي وتأثيرها على القرار
تتزامن ترتيبات رفع أسعار الكهرباء مع الزيارة الحالية لبعثة صندوق النقد الدولي، التي تجري المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج التسهيل الممدد بقيمة 8 مليارات دولار، والذي تعثر صرف شريحتيه الأخيرتين بقيمة 2.7 مليار دولار.
كما تنتظر مصر الحصول على 274 مليون دولار كدفعة أولى من تمويل «الصلابة والاستدامة»، فيما يجري فريق الصندوق مباحثات موسعة تستمر 11 يومًا مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير المالية أحمد كجوك، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، إلى جانب وزراء المجموعة الاقتصادية ومسؤولي هيئة قناة السويس وصندوق مصر السيادي وعدد من ممثلي مجتمع الأعمال.
وتهدف المراجعتان إلى تقييم مدى التقدم في تنفيذ مسارات الإصلاح الاقتصادي، وعلى رأسها تقليص دعم الطاقة، وتخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية غير الاستراتيجية، وضمان المنافسة العادلة، وتسريع برنامج الطروحات الحكومية.
ارتفاع أسعار الوقود وتبعاته على قطاع الكهرباء
تأتي هذه التطورات بعد رفع أسعار الوقود في أكتوبر الماضي بنسبة وصلت إلى 12.9%، وهي الزيادة العشرون منذ تأسيس لجنة التسعير التلقائي في 2019، والسابعة منذ توقيع اتفاق قرض صندوق النقد في ديسمبر 2022.
ورغم تلك الزيادات، أعلنت الحكومة لاحقًا تثبيت أسعار بيع المنتجات البترولية لمدة عام كامل، كما قررت تجميد أي زيادات في أسعار الكهرباء منذ أغسطس الماضي، في محاولة للسيطرة على معدلات التضخم.
وفي أكتوبر الماضي، أكد وزير الكهرباء محمود عصمت أن قطاع الكهرباء لا يزال يحصل على دعم سنوي يصل إلى 170 مليار جنيه، نتيجة الارتفاع الكبير في تكلفة الوقود وأعباء التشغيل والصيانة.
تكاليف إنتاج الكهرباء وضغوط الغاز الطبيعي
أكد وزير الكهرباء أن أي زيادة جديدة يتم دراستها وفقًا للتكلفة الفعلية لإنتاج الكهرباء، خاصة مع احتياج محطات التوليد إلى نحو 110 ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا، بتكلفة تصل إلى 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
وتستهلك منظومة الكهرباء نحو 3.3 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يوميًا، ما يمثل ضغطًا ماليًا كبيرًا على الموازنة العامة في ظل الارتفاع العالمي المستمر لأسعار الطاقة.
كما تخطط الحكومة لرفع نسبة مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني إلى 42% بحلول 2030، و65% بحلول 2040، بما يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتخفيف الأعباء المالية عن الدولة.
رؤية الخبراء حول رفع أسعار الكهرباء
أكد الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح أن صندوق النقد الدولي يشجع الحكومات على إعادة هيكلة أسعار الكهرباء والوقود تدريجيًا بما يعكس التكلفة الحقيقية للإنتاج، ويخفف الضغط عن الميزانية العامة.
وأوضح أن الصندوق لا يفرض أسعارًا بعينها، لكنه يشترط تنفيذ إصلاحات هيكلية من بينها خفض الدعم مقابل صرف الشرائح التمويلية، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية بدأت بالفعل في تنفيذ هذه السياسة تدريجيًا بما يحقق الاستدامة المالية ويعيد توجيه الدعم للفئات الأكثر احتياجًا.
الأولوية لكبح التضخم قبل تحريك الأسعار
وخلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس الوزراء، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الهدف الرئيسي للحكومة في العام المقبل هو خفض معدل التضخم إلى 8% خلال النصف الأول من 2026.
وشدد على أن تحريك أسعار الكهرباء أو المحروقات خلال الفترة الحالية قد يعوق تحقيق هذا الهدف، لذلك لا توجد نية لزيادة الأسعار قبل يناير 2026، مؤكدًا أن الحكومة تتحرك وفق خطط معلنة وليس عبر قرارات مفاجئة.
وكشف مدبولي أن وزارة الكهرباء مطالبة بسداد نحو 16 مليار جنيه شهريًا لوزارة البترول مقابل الوقود، في حين لا تستطيع سداد أكثر من 5 مليارات فقط، لتتحمل الحكومة فارق 11 مليار جنيه شهريًا نيابة عن المواطنين.
كلمات مفتاحية: أسعار الكهرباء، زيادة الكهرباء 2026، دعم الطاقة، صندوق النقد الدولي، الحكومة المصرية، الطاقة المتجددة، أسعار الوقود، التضخم، وزارة الكهرباء، إصلاح الدعم

















