شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في الجلسة الأولى من منتدى البركة الإقليمي الخامس والذي عقد في القاهرة بشراكة استراتيجية مع جامعة الدول العربية. وقد شهدت الجلسة التي أدارها الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، مشاركة الدكتور علي محسن اسماعيل العلاق محافظ البنك العراقي.
وأكد الدكتور فريد، أن الدول مطالبة بتحديد أين تقع مسئولية تمويل التنمية بدقة، موضحًا أن ذلك عرض رئيسي لمرض ضعف عملية الادخار الذي ينتج عنه احتياج للاقتراض ومن ثم تتفاقم المشكلة بالشكل الذي وصل إلى مستوى أزمة عالمية على مستوى الديون.
وأضاف أن هناك ضرورة بالغة الأهمية لإنشاء قنوات تسمح بالادخار ثم الاستثمار بما يساهم في توفير التمويلات اللازمة للمشروعات بمختلف أنواعها سواء المشروعات القابلة للتمويل (Bankable Projects) أو المشروعات غير القابلة للتمويل (Unbankable Projects).
وشدد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، على أن الدول لابد وأن تكون على دراية كاملة بأن تطورها ونموها وتغيير مستقبلها للأفضل في أيديها فقط، ومن ثم يجب أن تتحمل الدول المسئولية الكاملة لتمويل تنميتها بطرق متنوعة.
وتطرق الدكتور فريد، إلى التغير الذي طرأ على هيكل مالكي الديون في الوقت الحالي مقارنة بالثلاثين عامًا الأخيرة والذي كان يسيطر خلالها نادي باريس للدائنين على النسبة الأكبر من ديون الدول، مشيرًا إلى أن الديون في الوقت الراهن باتت موزعة بين أطراف ودائنين متعدّدين.
ولفت الدكتور فريد، إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية نفذت خطة تطوير شاملة على صعيد الأطر التشريعية والتنظيمية في إطار إيمانها الكامل بأهمية الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة، بما ساهم في تفعيل أدوات التمويل المستدام والإسلامي مثل تنظيم إصدار الصكوك والتأمين التكافلي.
وسلّط رئيس الهيئة، الضوء على التطور الذي طرأ على اللجان الرقابية الشرعية الفرعية على مستوى المؤسسات الخاضعة لإشراف الهيئة، وتطور المفاهيم وديناميكيات العمل بين تلك اللجان الفرعية ولجنة الرقابة الشرعية المركزية في الهيئة.
وشدد الدكتور فريد، على أهمية توافر عنصري الرغبة والاجتهاد للوصول إلى النتائج المأمولة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد الدكتور فريد، أن التوازن بين الرقابة والتمكين أمر في غاية الأهمية، إذ يسعى أي رقيب مالي إلى استقرار الأسواق في المرتبة الأولى وحماية المتعاملين سواء المستثمرين في سوق رأس المال، أو حملة الوثائق في نشاط التأمين، أو المستهلك على صعيد الأنشطة المالية غير المصرفية.
وتابع: أن استقرار الأسواق مع تطوير التنظيم الرقابي شرط رئيسي للوصول إلى مناطق تنمية وتعظيم حجم الأسواق والاستفادة من أدوات التمويل المتنوعة، مشيرًا إلى أنه سعى لتطوير نشاط سندات الاستدامة في السوق المصري في وقت لم يكن هناك تنظيم واضح من قبل توليه قيادة الهيئة.
وسلط رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، الضوء على الدور الحاسم للأطر التشريعية والتنظيمية الجديدة التي ساهمت في تفعيل الكثير من الأدوات التمويلية، وذلك ردًا على سؤال من الدكتور محمود محيي الدين، حول أبرز مستجدات النظام المالي غير المصرفي.
ولفت إلى أن نشاط سندات الاستدامة شهد تطورًا كبيرًا، إذ تم إصدار أول سندات استدامة في مصر في عام 2024 بقيمة 100 مليون دولار، كما تم إصدار سندات التوريق استدامة بقيمة 499 مليون دولار في فبراير 2024.
وتابع: كما تم إصدار سندات توريق أخرى بقيمة 11.5 مليار جنيه بجانب إصدار أول صكوك استدامة في السوق المصري بقيمة 11 مليار جنيه في مايو 2024.
وأكد أن غياب التعريفات الواضحة كان العائق الرئيسي أمام استخدام هذه الأدوات لسنوات طويلة، مشيرًا إلى أن تطوير القواعد التنظيمية ساهم في تمويل مشروعات لم تكن قادرة على الوصول إلى التمويل عبر الأدوات التقليدية، وساعد على دعم الاقتصاد الحقيقي وتوفير فرص العمل.
ولفت إلى أن عدد الصناديق العقارية في مصر لم يتخطى الصندوقين فقط منذ إطلاق ذلك النشاط في 2020 وحتى 2025 قبل التعديلات الأخيرة التي ساهمت في تقدم نحو 12 صندوق للترخيص في غضون 3 أشهر فقط بجانب 8 منصات رقمية لحشد التمويل لتلك الصناديق.
وأشار إلى التطور الذي شهدته إصدارات الصكوك الإسلامية في السوق المصري عقب إدخال تعديلات تتضمن كافة تعريفات الصكوك في اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، مما أدى إلى زيادة الإصدارات لتصل إلى 33.5 مليار جنيه.
كما أشار إلى أن التكنولوجيا المالية والتمويل الجماعي أسهما في توسيع قاعدة المستثمرين وتمكين شرائح جديدة من المشاركة في الاستثمار، لا سيما في القطاعات العقارية والتنموية.
وأضاف أن الهيئة العامة للرقابة المالية أتاحت التعرف على العميل إلكترونيا أو ما يعرف بالتحقق الرقمي، إذ تمت نحو 400 ألف عملية تحقق رقمي.
وشدد الدكتور فريد، على ضرورة استخدام أدوات التمويل الإسلامي من خلال الأنظمة الرقمية في ظل متغيرات الأجيال الجديدة وتحديدًا جيل ألفا وZ.
وشدد على أن دور الرقابة المالية لا يقتصر على تشجيع الابتكار فحسب، بل يقوم بالأساس على تحقيق الاستقرار المالي وحماية حقوق المستثمرين، بما يضمن نموًا مستدامًا للأسواق ويعزز الثقة في أدوات التمويل الحديثة، ويحوّلها إلى رافعة حقيقية لتمويل التنمية.



















