عادت الفضة لتخطف الأضواء بقوة، مسجلة قفزة تاريخية غير مسبوقة في الأسواق المحلية والعالمية.
المعدن الأبيض، الذي ظل لسنوات في ظل الذهب، بات اليوم أحد أبرز أدوات التحوط والاستثمار، مدعومًا بارتفاع الطلب الصناعي والاستثماري، وتراجع السيولة، وتغير توقعات السياسات النقدية العالمية.
قفزة الفضة الأخيرة لم تكن مجرد حركة سعرية عابرة، بل تعكس تحولات أعمق في خريطة الاستثمار، وتفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول مستقبلها خلال عام 2026.

الفضة ترتفع محليًا وتحقق مكاسب قياسية
سجلت أسعار الفضة في السوق المحلية ارتفاعًا بنحو جنيهين للجرام خلال تعاملات اليوم، في استمرار واضح لموجة الصعود القوية منذ بداية العام.
وبلغ سعر جرام الفضة عيار 800 نحو 94 جنيهًا، فيما وصل عيار 925 إلى 109 جنيهات، وسجل عيار 999 حوالي 117 جنيهًا، بينما استقر سعر جنيه الفضة عند 872 جنيهًا.
هذا الأداء يعكس تنامي الطلب المحلي، بالتوازي مع التحركات العالمية الصاعدة.
قفزة تاريخية عالميًا.. الأوقية عند أعلى مستوى في تاريخها
على الصعيد العالمي، ارتفعت أوقية الفضة بنحو دولارين لتسجل قرابة 72 دولارًا، وهو أعلى مستوى في تاريخ المعدن الأبيض.
ويعود هذا الصعود إلى استمرار العجز الهيكلي في المعروض العالمي منذ عدة سنوات، إلى جانب تسارع الطلب الصناعي والاستثماري، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والإلكترونيات الدقيقة، وفق تقرير مركز «الملاذ الآمن» المتخصص في أسواق المعادن الثمينة.
مكاسب تقترب من 150% خلال 2025
أوضح التقرير أن الفضة حققت مكاسب تجاوزت 148% منذ مطلع عام 2025، متفوقة بشكل لافت على الذهب الذي سجل ارتفاعًا بنحو 70% فقط.
ويأتي ذلك ضمن موجة صعود تاريخية تشمل معظم المعادن النفيسة، مدفوعة بالتحولات الاقتصادية العالمية، وتغير توجهات السياسات النقدية، وارتفاع المخاطر الجيوسياسية.
مؤشر الذهب إلى الفضة يعزز جاذبية المعدن الأبيض
سجلت نسبة الذهب إلى الفضة نحو 62.26، وهو ما يعكس تحسن الأداء النسبي للفضة مقارنة بالذهب خلال الفترة الأخيرة.
ويعد هذا المؤشر من الإشارات المهمة للمستثمرين، إذ يدل على قوة الزخم الصاعد للمعدن الأبيض، وإمكانية استمراره كأصل استثماري منافس.
تدفقات استثمارية دفاعية في ظل عدم اليقين
تصاعدت التدفقات الاستثمارية الدفاعية نحو الذهب والفضة، مدفوعة بحالة عدم اليقين المرتبطة بالمعروض العالمي، والاضطرابات التجارية والجيوسياسية.
كما ساهم انخفاض السيولة في نهاية العام في تعزيز توجه المستثمرين نحو المعادن النفيسة كأدوات تحوط للمحافظ الاستثمارية، بدلًا من المضاربات قصيرة الأجل.
السياسة النقدية الأمريكية عامل دعم رئيسي
تشكل توقعات تيسير السياسة النقدية الأمريكية عامل دعم مهم لأسعار المعادن النفيسة، حيث تسعّر الأسواق احتمالات خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة عدة مرات خلال عام 2026.
ويزيد هذا التوجه من جاذبية الذهب والفضة، من خلال تقليل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بهما.
بيانات اقتصادية متباينة تكبح المكاسب مؤقتًا
ورغم موجة الصعود القوية، حدّت بعض البيانات الاقتصادية الإيجابية في الولايات المتحدة من مكاسب المعادن النفيسة مؤقتًا، أبرزها نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.3% خلال الربع الثالث، مقابل تراجع مؤشر ثقة المستهلك إلى 89.1 نقطة في ديسمبر.
إلى أين تتجه الفضة في 2026؟
يشير مركز «الملاذ الآمن» إلى أن مسار أسعار الفضة خلال 2026 سيظل مرتبطًا بتطورات السياسة النقدية الأمريكية، والمخاطر الجيوسياسية، وأزمة المعروض العالمي.
وبينما تستمر الفضة في تسجيل قمم تاريخية، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرتها على الحفاظ على هذا الزخم، أم أن الأسواق ستشهد موجات تصحيح مؤقتة قبل استكمال الصعود.



















