تخيل مستقبلاً يسيطر فيه الرياضيون المصريون باستمرار على المشهد الرياضي العالمي، ليس فقط على الرغم من القيود ولكن بسبب التكنولوجيا الرياضية المزدهرة ومنظومة الذكاء الاصطناعي. هذا ليس مجرد حلم، فالاستثمار في هذا القطاع ليس مجرد مهمة وطنية، وإنما ضرورة اقتصادية واجتماعية استراتيجية لمصر. ولهذا السبب يستحق هذا القطاع اهتمامنا ودعمنا.
تقدم برامج مثل برنامج NBA Africa، الذي أطلق مؤخرا مسرعة الأعمال المختصة بدعم الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا الرياضة “Triple-Double: NBA Africa Startup Accelerator” لمحة عن المستقبل. ومن خلال تمويل ودعم الشركات الرياضية الناشئة التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، يمكننا ضمان إتاحة الرياضة للجميع، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية. ولن يقتصر ذلك على رعاية جيل من الرياضيين الشغوفين فحسب، بل سيثمر أيضا عن إطلاق موجة جديدة من الفرص الاقتصادية والاجتماعية لمصر.
تنويع مصادر الاقتصاد والنمو
إن الاستثمار في التكنولوجيا الرياضية يمكن ن يساهم بشكل كبير في تنويع مصادر الاقتصاد والنمو في مصر. فالسوق العالمي لتكنولوجيا الرياضة، الذي تبلغ قيمته حوالي 12.2 مليار دولار في عام 2020، متوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 20.4% من عام 2021 إلى 2028. ويشير هذا النمو إلى وجود فرص اقتصادية كبيرة للدول التي تستثمر في هذا القطاع. ومن خلال تعزيز منظومة حيوية للتكنولوجيا الرياضية، يمكن لمصر توفير العديد من الوظائف التي تتطلب مهارات عالية في مجال تطوير البرمجيات والهندسة وعلوم البيانات والإدارة الرياضية، مما يساعد على الحد من البطالة بين الشباب والشريحة السكانية المتعلمة.
علاوة على ذلك، يمكن للتوسع في التقنيات الرياضية أن يساهم في استحداث مصادر جديدة للدخل، مثل إنشاء المحتوى الرقمي والتسويق الرياضي والتعاون الدولي. إن السوق العالمي للرياضات الإلكترونية، والذي من المتوقع أن يصل حجمه إلى 6.75 مليار دولار بحلول عام 2030 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 21.5%، هو أحد هذه الشرائح المربحة. ويمكن لمصر الاستفادة من هذا السوق المتنامي من خلال دعم الشركات الناشئة المحلية في تطوير منصات ألعاب تنافسية والتقنيات ذات الصلة.
تعزيز الابتكار وريادة الأعمال
إن الاستثمار في الشركات الناشئة في مجال التقنيات الرياضية يحفز الابتكار من خلال تشجيع تطوير أحدث التقنيات مثل الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة. وتلعب مسرعات وحاضنات الأعمال، مثل تلك التي تحتضنها HYPE للابتكار الرياضي، دورا حاسما في رعاية هذه الشركات الناشئة، فضلاً عن توفير الموارد الأساسية والإرشاد والتمويل.
ووفقا لمجلة الابتكار وريادة الأعمال، فإن التقنيات الرقمية هي صناعة محورية لتعزيز نمو الأعمال واستدامتها. ومع ذلك، لا يزال تأمين التمويل اللازم وتجاوز الحواجز التنظيمية أحد تلك التحديات التي تواجه رواد الأعمال. وما أن تغلبت مصر على تلك التحديات، فسوف تتمكن من توفير بيئة داعمة للشركات الناشئة في مجال التقنيات الرياضية لكي تزدهر.
جذب الاستثمارات والشراكات العالمية
إن الاعتناء بمنظومة التقنية الرياضية والعمل على ازدهارها، يمكن أن يجلب لمصر الكثير من المستثمرين والشراكات الدولية، مما يجعل من الدولة الأكثر سكاناً في الشرق الأوسط مركزا للابتكار في هذا المجال. كما يمكن أن يحفز الاستثمار الأجنبي المباشر والتعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية الرائدة.
لا شك أن مصر تعمل بنشاط على تعزيز استثماراتها الأجنبية المباشرة، مع توقعات بأن تصل إلى 12 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2023/2024. وتعتبر تلك الاستثمارات عنصر أساسي في تحقيق التنوع والنمو الاقتصادي، لا سيما وأن مصر تسعى إلى تعزيز بيئة أعمالها وتحفيز مختلف القطاعات، بما في ذلك الرياضة والتكنولوجيا.
فعلى سبيل المثال، يدعم برنامج “Triple-Double: NBA Africa Startup Accelerator” بيئة التكنولوجيا الرياضية في أفريقيا، عن طريق إعداد الجيل القادم من رواد الأعمال في المجال من خلال تسهيل وصولهم للتوجيه اللازم ورأس المال. وتساعد هذه المبادرة في دفع عجلة النمو في القطاعات الرياضية والإبداعية، وتعزيز بيئة تعاونية تعود بالنفع على جميع الجهات الفاعلة في القطاع.
لا يقتصر الاستثمار في الشركات الناشئة في مجال التقنيات الرياضية في مصر على تعزيز الابتكار المحلي فحسب، بل يتعلق الأمر بدمج الدولة في المشهد التكنولوجي العالمي، ودفع التنويع الاقتصادي، ودعم تطوير منظومة تنافسية للشركات الناشئة. ومن خلال التركيز على هذا القطاع، يمكن لمصر ضمان النمو الاقتصادي طويل الأجل والحفاظ على قدرتها التنافسية على الساحة العالمية.