مع تسارع وتيرة التحول الرقمي في العالم، تتخذ مصر خطوات ثابتة نحو تحقيق الشمول المالي وتعزيز التكنولوجيا المالية، وذلك بدعم من المؤسسات الوطنية والدولية.
على هامش مؤتمر المدفوعات الإلكترونية والشمول المالي “بافكس”، الذي يُعقد تحت رعاية البنك المركزي المصري، تم تسليط الضوء على الإنجازات الكبرى والتحديات التي تواجه الاقتصاد الرقمي المصري، بالإضافة إلى الابتكارات التي تدفع عجلة التنمية المستدامة.
الشمول المالي: رحلة بدأت من عام 1996
أكد الإعلامي أسامة كمال أن الشمول المالي يمثل أولوية قصوى للحكومة والمؤسسات المالية، مشيرًا إلى أن المصطلح لم يكن منتشرًا عند انطلاق الجهود في هذا المجال.
وأوضح أن البداية تعود إلى معرض تكنولوجي تأسس عام 1996، واستمر في تقديم حلول مبتكرة منذ عام 1998.
وأضاف كمال أن التعاون مع خبراء بارزين مثل شريف عظيم الرئيس السابق لمجلس الدولة ورئيس مجموعة “إي فاينانس”، كان له دور كبير في صياغة استراتيجيات مبتكرة لدعم الشمول المالي.
وأشار إلى أن تلك الجهود اعتمدت على التحليل الدقيق واتباع نهج استراتيجي يضمن التكيف مع الاحتياجات المتنوعة.
وأشاد بالدعم الكبير الذي تحقق خلال هذه الفترة، والذي أسهم في تعزيز التكنولوجيا المالية وتطوير أدوات جديدة تخدم التنمية المستدامة في مصر.
ووجه كمال الشكر لمحافظ البنك المركزي على رعايته ودعمه الفائق للمؤتمر، والذي ساهم في خروجه بالشكل المشرف والمثمر.
بدوره أعلن أيمن حسين، وكيل أول محافظ البنك المركزي المصري، أن السوق المصري شهد تطورًا كبيرًا في مجال الخدمات المصرفية الرقمية، مما ساهم في تسهيل تعاملات المواطنين المصرفية وتحسين تجربتهم.
وقال حسين في كلمته التي ألقاها نيابة عن محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، خلال افتتاح مؤتمر المدفوعات الإلكترونية والشمول المالي اليوم، إن المواطن أصبح بإمكانه إجراء معاملاته المصرفية بسهولة وفي أي وقت ومن أي مكان دون الحاجة إلى التوجه للبنك.
وأضاف أن هذا التوجه يتماشى مع استراتيجية المجلس القومي للمدفوعات، برئاسة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النقد والتوسع في استخدام الخدمات المصرفية الرقمية.
أرقام قياسية في التعاملات المصرفية الرقمية
وكشف حسين أن متوسط حجم معاملات الإنترنت البنكي بلغ نحو 7.2 تريليون جنيه بنهاية عام 2023، فيما قفز حجم عمليات تطبيق شبكة المدفوعات اللحظية “إنستاباي” إلى 1.2 تريليون جنيه، كما وصل عدد البطاقات المصرفية المصدرة إلى 67 مليون بطاقة، من بينها 40 مليون بطاقة ضمن منظومة الدفع الوطنية “ميزة”، بينما ارتفع عدد محافظ الهاتف المحمول إلى 45 مليون محفظة وذلك بنهاية يونيو الماضي.
إطلاق المنصة الوطنية لترميز البطاقات
وأشار وكيل أول محافظ البنك المركزي إلى أن البنك المركزي يعمل على إطلاق المنصة الوطنية لترميز البطاقات على تطبيقات الأجهزة الإلكترونية Cards Tokenization حيث ستتيح هذه المنصة نسخة رقمية لبطاقة الدفع الإلكترونية على الهاتف المحمول يمكن استخدامه في عملية المشتريات بديلًا عن البطاقات البلاستيكية مما يؤدي لسهولة وسرعة تنفيذ المعاملات، وقد تم إجراء تجربة حية لعملية الشراء باستخدام هذه المنصة أمس خلال افتتاح الرسمي للمعرض بحضور معالي دولة رئيس مجلس الوزراء.
تعزيز الأطر التشريعية والأمن السيبراني
وأوضح حسين أن البنك المركزي يولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير الأطر التشريعية والرقابية اللازمة لتشجيع الابتكار المصرفي، بما في ذلك إصدار قواعد البنوك الرقمية، التي تمهد الطريق لظهور جيل جديد من الخدمات المصرفية في مصر.
وأكد أن البنك المركزي حريص على حماية عمليات التحول الرقمي من خلال وضع ضوابط ومعايير أمنية صارمة لضمان توافق التطبيقات والنظم مع متطلبات الأمن السيبراني.
استراتيجية التكنولوجيا المالية ودعم الابتكار
وأشار حسين إلى إطلاق البنك المركزي استراتيجية التكنولوجيا المالية والابتكار والتي من أهم ركائزها إنشاء المختبر التنظيمي والذي يعمل كبيئة اختبارية تتيح لمقدمي خدمات التكنولوجيا اختبار تطبيقاتهم في بيئة آمنة.
وأضاف أن البنك المركزي يعمل حاليًا على إعداد إطار شامل لتشجيع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي، مع الحد من المخاطر المرتبطة بها وضمان حماية البيانات وخصوصيتها.
وأوضح أن البنك المركزي أولي تقنيات الذكاء الاصطناعي أهمية كبيرة حيث يقوم حاليًا بإعداد إطار عمل شامل (AI Framework) يهدف إلى تشجيع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي، وبما يضمن توفير بيئة تنظيمية فعّالة تحقق حوكمة استخدام هذه التطبيقات وتحد من المخاطر المرتبطة بها، مع مراعاة للضوابط الرقابية اللازمة لحماية خصوصية البيانات وضمان الشفافية في عمليات معالجة البيانات.
ومن ناحية أخرى، أكد أن البنك المركزي قطع شوطًا كبيرًا في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي حيث ساهم مركز علوم البيانات والتحليلات المتقدمة بالبنك المركزي في تعزيز عملية صنع القرار ودعم صياغة السياسات النقدية من خلال استحداث نماذج متطورة للتنبؤ وتحليل البيانات الضخمة.
تحسين الشمول المالي للجميع
وفي خطوة لدعم الشمول المالي، أعلن بأن البنك المركزي قد قام بتعديل التعليمات الرقابية للسماح للشباب بفتح الحسابات المصرفية ابتداءً من سن 15 عامًا بدلًا من 16 عامًا، مع توفير منتجات مالية تتناسب مع أهليتهم.
وأكد حسين أن التحول الرقمي ساهم في زيادة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأكثر من 388%.
توسيع الوصول للخدمات المالية
أكد البنك المركزي التزامه بضمان شمول كافة فئات المجتمع في المنظومة المالية. وأوضح حسين أن القطاع المصرفي وفر ماكينات صراف آلي وفروعًا مصرفية متوافقة مع احتياجات ذوي الهمم.
واختتم حسين كلمته بالتأكيد على التزام البنك المركزي بتعزيز التحول الرقمي ودعم الاقتصاد المصري ليواكب التطورات العالمية، بما يحقق مزيدًا من النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة.
إي فاينانس: بنية تحتية متطورة لتحقيق التحول الرقمي
صرح المهندس إبراهيم سرحان، الرئيس التنفيذي لشركة “إي فاينانس”، بأن قطاع التكنولوجيا المالية يعد من أبرز محركات الاقتصاد المصري.
وأوضح سرحان أن الشركة نجحت في تأسيس بنية تحتية قوية للمدفوعات الإلكترونية، خاصة الحكومية منها. وأضاف أن إدراج الشركة في البورصة قبل ثلاث سنوات أسهم في جذب استثمارات أجنبية كبيرة.
وأشار إلى أن حجم المتحصلات الإلكترونية تجاوز 2.7 تريليون جنيه، في حين بلغت معاملات “إنستاباي” 1.2 تريليون جنيه، مما يعكس التطور الكبير في النظام الرقمي.
وأكد سرحان أن الشركة تعمل على مشاريع طموحة بالتعاون مع وزارة المالية لتعزيز الصادرات، بالإضافة إلى إطلاق منصات رقمية مثل منصة الصناعة المصرية لتسهيل العمليات الاستثمارية.
ماستركارد: دور محوري لمصر في المدفوعات الرقمية
قال آدم جونز، الرئيس الإقليمي لغرب المنطقة العربية في ماستركارد، إن مصر تلعب دورًا رياديًا في قيادة الابتكار بمجال المدفوعات الرقمية على مستوى المنطقة، مستفيدة من تاريخها وإمكاناتها الكبيرة.
وأشار جونز إلى أن التطورات التنظيمية والابتكارات التكنولوجية أدت إلى تزايد اعتماد المستهلكين على المنصات الرقمية، مما يعكس تغييرًا جذريًا في سلوكياتهم. وأضاف: “هذا التحول مدفوع بالثورة الرقمية التي أعادت صياغة العلاقة بين الأفراد والخدمات المالية”.
وأوضح جونز أن تقنية التشفير الرمزي (Tokenization) تمثل أحد أبرز الابتكارات الحديثة التي تتيح تحسين أمان المعاملات الرقمية دون التأثير على سهولة الاستخدام، مؤكدًا أنها أصبحت عنصرًا رئيسيًا في الاقتصاد الرقمي العالمي.