تستمر بعض البنوك الخاصة الكبرى في خفض أسعار الفائدة على شهادات الادخار، رغم استمرار التضخم في مصر. البنوك التي أجرت هذه التخفيضات تشمل البنك التجاري الدولي، بنك إتش إس بي سي، وبنك قطر الوطني، حيث تراوحت خفض الفائدة بين 0.5% و 2%، وبهذه التعديلات، انخفضت الفائدة على الشهادات الثلاثية إلى 20% بعد أن كانت تصل إلى 22% أو أكثر في الشهور الماضية. ومن المتوقع أن تقوم بنوك أخرى باتخاذ خطوات مشابهة قريباً، وفقاً لتقارير محلية.
أسباب خفض الفائدة
ينظر العديد من الخبراء إلى أن تخفيض الفائدة يعود إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية، حيث تتعرض البنوك لضغوط متزايدة نتيجة ارتفاع تكلفة الأموال، وتراجع العائد على أدوات الدين الحكومية طويلة ومتوسطة الأجل، كما أن انخفاض الطلب على القروض الائتمانية قد دفع بعض البنوك الخاصة إلى اتخاذ هذا القرار، لتجنب تحمل خسائر كبيرة نتيجة الحفاظ على مستويات فائدة مرتفعة.
وتوضح المحللة المالية منى بدير أن البنوك تأخذ في الحسبان هيكل الودائع والفائدة المتوقعة في المستقبل عند تسعير فائدة شهاداتها الادخارية، وفي ظل تراجع الفائدة على سندات الخزانة ذات الآجال الثلاثة، اختارت بعض البنوك تخفيض الفائدة على شهادات الادخار التي تتمتع بنفس المدة الزمنية، خشية تحمل تكاليف مرتفعة في المستقبل، كما أن استمرار تقديم فائدة مرتفعة يتطلب من البنوك اتخاذ إجراءات تحوط عالية التكلفة لضمان الربحية.
وفي هذا السياق، أشار هشام عز العرب، الرئيس السابق لأحد البنوك الكبرى، إلى أن العوائد المرتفعة على الشهادات كانت مفيدة في الماضي عندما كانت البنوك تستثمر في أدوات دين عالية العائد، لكن الآن، ومع ارتفاع تكلفة هذه الأدوات، أصبح من الصعب الحفاظ على الفائدة المرتفعة دون تحمل خسائر.
تراجع العائد على الأدوات الحكومية
شهدت الآونة الأخيرة انخفاضاً في العوائد على سندات الخزانة ذات المدة الثلاث سنوات، حيث تراجعت الفائدة من 25.33% إلى 24.3%. وتستعد بعض البنوك للتكيف مع هذا التراجع من خلال تعديل أسعار الفائدة على شهاداتها الادخارية.
وفي الوقت نفسه، يتوقع البعض أن ينخفض معدل التضخم في مصر في العام المقبل ليصل إلى أقل من 17%، ما قد يدفع البنك المركزي المصري إلى اتخاذ خطوات لتسهيل السياسات النقدية وبدء خفض أسعار الفائدة الرئيسية.
وعلى الرغم من ذلك، يرى المحللون أن الفائدة المرتفعة على الشهادات قد لا تكون الحل الأمثل في مواجهة التضخم، حيث أن هذه السياسة لم تمنع استمرار ارتفاع الأسعار. وتظهر الأرقام أن المدخرات في البنوك المصرية التي تصل إلى 5.5 تريليون جنيه تمثل حوالي 78% من إجمالي المدخرات بالعملات المحلية، ما يعكس أهمية تلك الشهادات في الاقتصاد، ولكن لم يعد من المتوقع أن تشهد البنوك تدفقات ضخمة جديدة من المدخرات في المستقبل القريب.
وفي ظل هذه الظروف، يتساءل الكثيرون عن قدرة البنوك الخاصة على الحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة لفترة طويلة، وما إذا كانت ستواصل تعديل أسعار الشهادات الادخارية في المستقبل القريب بناءً على التغيرات الاقتصادية.