تقف مصر على أعتاب ثورة كبيرة في قطاع الطاقة المتجددة، مدفوعة بتطلعاتها لبناء اقتصاد أخضر، وبرؤية طموحة تهدف لتحويل البلاد إلى مركز عالمي لإنتاج الطاقة، وتلعب مشروعات طاقة الرياح دورا محوريا في هذه الرؤية، حيث تساهم في تنويع مصادر الطاقة، وتحقيق الاستدامة البيئية، وخلق فرص عمل جديدة، وتحفيز النمو الاقتصادي.
وتتضافر جهود الحكومة المصرية والقطاع الخاص لجعل هذه الرؤية حقيقة على أرض الواقع، فقد وضعت الحكومة استراتيجية طموحة للطاقة المتجددة، ووفرت حوافز جذابة لجذب الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي.
وتتمتع مصر بموقع جغرافي متميز يجعلها من أفضل الدول في العالم لمشروعات طاقة الرياح، فوفقا لأطلس الرياح في مصر، تتمتع البلاد بموارد وفيرة من الرياح، خاصة في منطقة خليج السويس، والتي تعد واحدة من أفضل المواقع في العالم لاستخدام طاقة الرياح، نظرا لسرعات الرياح العالية والثابتة التي تصل إلى ما بين 8 و10 أمتار في الثانية في المتوسط على ارتفاع 100 متر، فضلا عن مناطق واعدة شرق وغرب النيل في بني سويف والمنيا وواحة الخارجة، توفر سرعات رياح تتراوح ما بين 5 و8 أمتار في الثانية، مما يجعلها مناسبة لتوليد الكهرباء من الرياح.
ونجحت مصر في رفع حصتها من الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى حوالي 22% في السنوات الأخيرة، وتستهدف وصول نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى حوالي 42% بحلول عام 2030، لتشمل 14% من طاقة الرياح، 21% من الطاقة الشمسية.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، أفسحت الحكومة المصرية المجال أمام القطاع الخاص لضخ مزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، وذلك من خلال تقديم العديد من الحوافز للمستثمرين، أبرزها التعرفة التفضيلية حيث يتم شراء الكهرباء المنتجة من مشروعات طاقة الرياح من قبل الحكومة بسعر أعلى من سعر الكهرباء المنتج من الوقود الأحفوري، والإعفاءات الضريبية إذ تحصل مشروعات الطاقة المتجددة على إعفاءات ضريبية، حيث يبلغ معدل ضريبة القيمة المضافة لتلك المشروعات 5% بدلا من 14%، كما أن الحكومة توفر ضمانات لشراء الكهرباء المنتجة من مشروعات الطاقة المتجددة، مما يقلل من المخاطر للمستثمرين.
وتشهد مصر حاليا تنفيذ العديد من مشروعات طاقة الرياح بقدرات كبيرة تنفذها شركات عالمية ومحلية رائدة في مجال الطاقة المتجددة، مدفوعة بالعائدات المجزية والحوافز الحكومية الجاذبة.
وأعلنت الحكومة، /الخميس/ الماضي، تنفيذ مشروعين لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة إجمالية 8 جيجاوات بمنطقة غرب سوهاج، بالتعاون مع القطاع الخاص، حيث ستقوم شركة (سكاتك) النرويجية بتنفيذ المشروع الأول، الذي يهدف إلى إنتاج 5 جيجا وات، بينما سيتم تنفيذ المشروع الثاني من خلال تحالف بقيادة شركة “أوراسكوم” للإنشاءات، ويهدف إلى إنتاج 3 جيجاوات، بالتعاون مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.
بالإضافة إلى اتفاقية شركة مصدر الإماراتية مع شركة (إنفينيتي باور) وحسن علام للمرافق، لإنشاء محطة طاقة الرياح بقدرة 10 جيجاوات في خليج السويس، وستوفر المحطة الجديدة لمصر ما يقدر بنحو 5 مليارات دولار من تكاليف الغاز الطبيعي سنويا.
وكذلك محطة طاقة الرياح بقدرة 10 جيجا وات غرب سوهاج، والتي تنفذها شركة (أكوا باور) السعودية بموجب مذكرة تفاهم مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة والشركة المصرية لنقل الكهرباء، والتي ستوفر نحو 6.5 مليار دولار من تكلفة خفض الغاز الطبيعي سنويا.
وتشير منظمة (جلوبال إنيرجي مونيتور) إلى أن مصر تحتل المرتبة الثانية في المنطقة العربية في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بمعدلات إنتاج تبلغ نحو 3.5 جيجاوات، وتستهدف الوصول بها إلى نحو 6.8 جيجاوات (نحو 1.6 جيجاوات من طاقة الرياح ونحو 1.9 جيجاوات من الطاقة الشمسية) خلال العام الجاري.
وإلى جانب الجهود المبذولة على الصعيدين الحكومي والخاص، تساهم التطورات التكنولوجية المتسارعة في تعزيز كفاءة مشروعات طاقة الرياح وخفض تكاليفها، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين ويزيد من إمكانية تطبيقها على نطاق واسع.