في خطوة كانت متوقعة إلى حد كبير، قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تثبيت سعر الفائدة عند 4.25%-4.50%، ليبقي على سياسته النقدية الحذرة رغم ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض الفائدة بشكل فوري. وأدى هذا القرار إلى تعزيز مكاسب الدولار عالميًا، حيث سجل ارتفاعًا بنسبة 0.12% وفقًا لبيانات “بلومبرج”، مما عزز موقعه كعملة قوية مقابل ست عملات رئيسية اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني و الدولار الكندي والفرنك السويسري والكرونة السويدية.
ويأتي هذا التثبيت في وقت تشهد فيه الأسواق ترقبًا شديدًا لتحركات الفيدرالي الأمريكي، خصوصًا بعد سلسلة التخفيضات التي قام بها في 2024. لكن استمرار التضخم فوق المستوى المستهدف البالغ 2% جعل صناع السياسة النقدية أكثر حذرًا في اتخاذ قرارات جديدة تتعلق بخفض الفائدة. ومن جهة أخرى، لا يزال الاقتصاد الأمريكي يُظهر نموًا قويًا واستقرارًا في سوق العمل، مما يدعم موقف الفيدرالي بعدم الاستجابة لضغوط ترامب بخفض الفائدة في هذه المرحلة.
الفيدرالي يثبت الفائدة: الأسباب والدوافع
على الرغم من الضغوط السياسية القوية، قرر الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وهو ما يعكس رؤيته بأن التضخم لا يزال أعلى من مستهدف البنك المركزي، حيث يسعى الفيدرالي إلى كبح جماح الأسعار قبل التفكير في أي تخفيضات إضافية والاقتصاد الأمريكي لا يزال قويًا، حيث تشير البيانات إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي واستقرار سوق العمل، ما يقلل الحاجة إلى خفض الفائدة لدعم النمو.
- الحفاظ على استقرار الأسواق المالية، إذ أن خفض الفائدة بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى تداعيات غير محسوبة على الأسواق العالمية والاستثمارات الأجنبية.
الدولار يعزز مكاسبه عالميًا
مع قرار تثبيت الفائدة، شهد الدولار ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق العالمية. وفقًا لمؤشر “بلومبرج”، ارتفع الدولار بنسبة 0.12% ليصل إلى 108 نقطة، ما يعكس ثقة المستثمرين في قوته مقارنةً بالعملات الرئيسية الأخرى.
ترامب والفيدرالي: صراع مستمر حول الفائدة
منذ عودته إلى البيت الأبيض، مارس دونالد ترامب ضغوطًا علنية على جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، لخفض أسعار الفائدة بهدف تحفيز الاقتصاد الأمريكي.
لكن الفيدرالي، رغم الضغوط السياسية، لا يزال يؤكد على استقلاليته، رافضًا اتخاذ قرارات نقدية بناءً على اعتبارات سياسية. ويبرر الفيدرالي موقفه بأن الاقتصاد لا يزال يحتاج إلى فترة من الاستقرار النقدي قبل الشروع في أي تخفيضات جديدة للفائدة.
تداعيات القرار على الأسواق العالمية
لم يكن قرار الاحتياطي الفيدرالي مجرد شأن داخلي، بل كان له تأثير مباشر على الأسواق العالمية، حيث قامت الإمارات وقطر أيضًا بتثبيت أسعار الفائدة على عملتيهما، ما يعكس تأثر الاقتصادات الخليجية بالسياسة النقدية الأمريكية.
كما أن قوة الدولار قد تؤدي إلى:
- ارتفاع تكلفة الاقتراض بالدولار للدول التي تعتمد على التمويل الأمريكي.
- زيادة الضغوط على الأسواق الناشئة، حيث تصبح ديونها المقومة بالدولار أكثر تكلفة.
- تأثيرات سلبية على الصادرات الأمريكية، حيث يجعل الدولار القوي المنتجات الأمريكية أقل تنافسية في الأسواق العالمية.
ماذا بعد؟ التوقعات المستقبلية للفائدة والدولار
مع استمرار التضخم فوق المستهدف، واستقرار معدلات البطالة عند مستويات منخفضة، تشير التوقعات إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفض الفائدة قريبًا، وربما ينتظر حتى منتصف 2025 لاتخاذ قرار جديد.
كما تتوقع الأسواق أن يواصل الدولار قوته على المدى القصير، خاصةً في ظل تراجع أداء العملات المنافسة مثل اليورو والجنيه الإسترليني.
هل يستمر الفيدرالي في تحدي ترامب؟
قرار الاحتياطي الفيدرالي بتثبيت الفائدة يعكس التزامه بتحقيق الاستقرار الاقتصادي دون الانصياع للضغوط السياسية. ورغم استمرار الضغوط من الرئيس ترامب، إلا أن البنك المركزي الأمريكي لا يزال يفضل نهجًا أكثر حذرًا لضمان السيطرة على التضخم وتجنب المخاطر الاقتصادية.
في الوقت نفسه، يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل العلاقة بين ترامب والفيدرالي، وهل يمكن أن تؤدي ضغوط البيت الأبيض في النهاية إلى تغيير السياسة النقدية، أم أن الفيدرالي سيظل محافظًا على استقلاليته في مواجهة العواصف السياسية؟