يُعَدّ شهر شعبان من الأشهر المباركة التي تحظى بمكانة عظيمة في الإسلام، فهو الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، وفيه تحولت قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، تحقيقًا لرغبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. هذا الشهر الكريم يقع بين شهر رجب الحرام وشهر رمضان المبارك، لذلك يغفل عنه كثير من الناس، رغم ما له من فضائل عظيمة وثواب جزيل لمن يجتهد فيه بالعبادات والطاعات. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصيام في شعبان، لما فيه من رفع للأعمال، ورغبة في أن تُرفع أعماله وهو صائم.
فضل شهر شعبان
- تحويل القبلة إلى البيت الحرام
من أهم الأحداث التي وقعت في شهر شعبان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وهو الحدث الذي استجاب فيه الله لرغبة نبيه صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى:
“قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ…” (البقرة: 144).
كان لهذا الحدث أثر كبير في نفوس المسلمين، حيث أصبح للمسلمين قبلة خاصة بهم، تميزهم عن الأمم الأخرى. - رفع الأعمال إلى الله
شهر شعبان هو الشهر الذي تُرفع فيه الأعمال إلى الله، كما جاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال:
“قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فقال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم” (حسّنه الألباني).
وهذا يبين أهمية الإكثار من الطاعات في هذا الشهر، استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك.
موعد ليلة النصف من شعبان
وتبدأ هذه الليلة من مغرب يوم الخميس 14 شعبان 1446هـ، الموافق 13 فبراير 2025، حتى فجر الجمعة 15 شعبان 1446هـ، الموافق 14 فبراير 2025. وتعتبر هذه الليلة فرصة عظيمة للدعاء والاستغفار والتقرب إلى الله تعالى، حيث يتجلى الله سبحانه وتعالى برحمته على عباده، ويغفر لهم إلا لمشرك أو مشاحن، كما ورد في الحديث الشريف: “يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن”.
فضل ليلة النصف من شعبان
- مغفرة الذنوب والرحمة الإلهية
ورد في فضل ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث تدل على أنها ليلة يُغفر فيها للكثير من العباد، فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
“فقدتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة، فخرجت أطلبه، فإذا هو بالبقيع رافعٌ رأسَه إلى السماء، فقال: (إِنَّ الله تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعرِ غَنَمِ كَلْبٍ)”. - استجابة الدعاء
روى البيهقي في “شعب الإيمان” عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ نَادَى مُنَادٍ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ…”.
وهذا يدل على أن هذه الليلة فرصة عظيمة للتوبة والاستغفار وطلب الحاجات من الله.
أفضل الأعمال في شهر شعبان
- الإكثار من الصيام
ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
“ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان” (رواه البخاري ومسلم).
ويُستحب للمسلم أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار من الصيام في هذا الشهر. - قراءة القرآن والذكر
كان الصحابة والسلف الصالح يكثرون من قراءة القرآن في شعبان، استعدادًا لاستقبال شهر رمضان، حيث يكون القلب أكثر استعدادًا للعبادة. - الصدقة وفعل الخير
يعدّ شهر شعبان فرصة عظيمة لزيادة الأعمال الصالحة، مثل الصدقات ومساعدة المحتاجين، فقد كان السلف يحرصون على إخراج الصدقات في هذا الشهر.