مع دخول شهر رمضان المبارك، يتجدد الحديث عن العبادات التي تميّز هذا الشهر الفضيل، ومن أبرزها صلاة التراويح حيث تُعدّ هذه الصلاة من العبادات التي تحمل فضلًا عظيمًا، وهي سنة مؤكدة سنّها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورغّب فيها المسلمين، ثم جمعهم عليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد خلف إمام واحد، معتبرًا ذلك من “نعمة البدعة” التي تنفع الأمة.
وتبدأ صلاة التراويح في الليلة الأولى من رمضان بعد صلاة العشاء مباشرة، وتستمر حتى نهاية الشهر، في أجواء إيمانية مميزة، سواء في المساجد أو في البيوت. ويكثر التساؤل حول عدد ركعاتها، حكم أدائها منفردًا أو في جماعة، والأفضلية بين صلاتها في المسجد أو في المنزل. كما يثار الجدل أحيانًا حول بعض العادات المرتبطة بها، مثل الذكر بين الركعات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
في هذا التقرير، نوضح كل ما يتعلق بصلاة التراويح وفقًا لما أوردته دار الإفتاء وأقوال أهل العلم.
عدد ركعات صلاة التراويح
صلاة التراويح سنة مؤكدة يؤديها المسلمون بعد صلاة العشاء، ويبلغ عدد ركعاتها عشرين ركعة بدون الوتر، وثلاثًا وعشرين ركعة مع الوتر، وفقًا لما عليه جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة. ومع ذلك، من صلى أقل من ذلك فلا حرج عليه، فكل زيادة أو نقصان يُعد قيامًا لليل، ولكن التراويح في أصلها سُنة ثابتة بعدد ركعاتها المتوارثة عبر الأجيال.
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها، لكنه لم يصلِّها في المسجد جماعة بانتظام خوفًا من أن تُفرض على المسلمين، مما يدل على رحمته بأمته وتخفيفه عليهم.
صلاة التراويح في المسجد أم في البيت؟
أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن أداء صلاة التراويح في المسجد أفضل، إذ تساعد الجماعة المسلم على المواظبة عليها، وتزيد من أجره. ومع ذلك، فإن صلاتها في المنزل جائزة ولا حرج فيها، خصوصًا إذا كان ذلك لا يؤدي إلى تعطيل المساجد من إحيائها بصلاة التراويح.
ويذهب المالكية إلى أن أداء التراويح في البيت يُستحب إذا لم يكن هناك خشية على إهمال المساجد، إلا أن أداءها في المسجد يبقى أفضل بسبب ما تحققه من اجتماع المسلمين في عبادة واحدة، مما يزيد من روحانية الأجواء الرمضانية.
حكم الذكر بين ركعات صلاة التراويح
يتساءل البعض عن جواز الذكر بين ركعات صلاة التراويح، خاصة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة معينة قبل إقامة الصلاة أو بين الركعات. وأوضحت دار الإفتاء المصرية أن الأصل في الذكر أنه مشروع في كل الأوقات، بل إن الله سبحانه وتعالى أمر به في القرآن الكريم، حيث قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41].
وأشارت إلى أن الذكر عقب الصلاة أو بين ركعات التراويح ليس بدعة، بل هو أمر مشروع بالأدلة العامة، حيث ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يجهرون بالذكر بعد الصلاة. وبالتالي، فإن الاعتراض على الصلاة على النبي بين الركعات بحجة أنها بدعة غير صحيح شرعًا، ما لم يكن هناك إلزام بها أو اعتقاد بأنها جزء من صلاة التراويح نفسها.