سجل سعر برميل النفط انخفاضًا ملحوظًا يوم الأربعاء 10 أبريل 2025، وسط تداعيات متشابكة تؤثر على السوق العالمية، حيث أرجع المحللون أسباب التراجع إلى عدد من العوامل الاقتصادية والسياسية الهامة.
أبرز تلك الأسباب كان تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، ما أدى إلى هبوط سعر برميل النفط إلى أدنى مستوى له منذ عدة سنوات.
أسباب انخفاض أسعار النفط عالميًا
قال الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إنَّ هناك عدة عوامل تساهم في تراجع أسعار النفط على مستوى العالم.
وأشار إلى أن السبب الأبرز هو توقعات تراجع الطلب العالمي على النفط نتيجة الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على العديد من السلع القادمة من دول مختلفة، وعلى رأسها الصين. وأضاف السيد أن هذه الرسوم الجمركية ساهمت في خفض سعر خام برنت ليصل إلى 60 دولارًا للبرميل.
وأضاف الدكتور السيد، أن من الأسباب الأخرى التي تساهم في هذا التراجع هو الرد الصيني على القرار الأمريكي، حيث أعلنت الصين عن فرض رسوم جمركية مماثلة على السلع الأمريكية بنسبة 84%.
واعتبر أن هذه السياسات التجارية بين البلدين قد تساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مما ينعكس بشكل مباشر على أسعار النفط.
وأكد السيد أن القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب قد تكون السبب في تراجع الطلب على النفط، وهو ما يؤدي بدوره إلى انخفاض أسعاره عالميًا، حيث أن تراجع النشاط الاقتصادي في ظل تصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادات العالم يؤثر بشكل كبير على أسواق النفط.
سعر برميل النفط اليوم
فيما يتعلق بتداولات اليوم، سجل خام برنت، الذي يعد المؤشر القياسي العالمي لأسعار النفط، انخفاضًا بنسبة 4% ليصل إلى 60 دولارًا للبرميل، ما يعكس أكبر تراجع للأسعار منذ فبراير 2021، عندما شهد العالم أسوأ تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي. بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط، الذي يعد الخام القياسي في الولايات المتحدة، ليصل إلى أقل من 57 دولارًا للبرميل.
ويعكس هذا الانخفاض الكبير في الأسعار القلق العالمي من تبعات الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين.
فقد تسبب فرض الرسوم الجمركية المتبادلة بين البلدين في تقليل حركة التجارة العالمية، وهو ما أثر سلبًا على الطلب على النفط، إذ انخفضت توقعات الطلب على الوقود، خاصة في قطاعي الشحن والنقل والسفر، ما ساهم في انخفاض أسعار النفط.
مخاوف الركود الاقتصادي العالمي
يخشى الكثير من الخبراء الاقتصاديين أن تؤدي السياسات التجارية المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم إلى تباطؤ النمو الاقتصادي أو حتى الدخول في مرحلة الركود.
ويرى هؤلاء أن انخفاض الطلب على السلع والخدمات بسبب هذه التوترات قد يؤدي إلى قلة استخدام الطاقة، مما يقلل من الطلب على النفط وبالتالي هبوط أسعاره.
وقد أشار عدد من المحللين إلى أن تراجع سعر النفط قد يكون له تأثيرات مضاعفة على الاقتصادات النامية والناشئة التي تعتمد بشكل كبير على واردات النفط، وقد يؤدي إلى تقليص النمو في تلك البلدان.
كما يترقب العديد من المستثمرين والمحللين في أسواق الطاقة كيف ستؤثر هذه التوترات التجارية على العرض والطلب العالميين في المستقبل القريب.
تداعيات القرار الأمريكي
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن عن فرض رسوم جمركية على المنتجات الصينية بنسبة 104%، وهو القرار الذي أثار ردود فعل قوية من الصين.
وردت بكين على هذا القرار بفرض رسوم مشابهة وصلت إلى 84% على الواردات الأمريكية. وعلى الرغم من أن هذه القرارات كان لها تأثير كبير على أسعار النفط، إلا أن ذلك قد يكون له تبعات أوسع على الاقتصاد العالمي، خاصة فيما يتعلق بتدفقات التجارة العالمية وأسواق النفط.
ويرى المحللون أن فرض هذه الرسوم الجمركية قد يرفع التكاليف في الأسواق العالمية، ويزيد من الضغط على الصناعات التي تعتمد على التجارة بين الولايات المتحدة والصين، مثل صناعة السيارات والالكترونيات. كما أن انخفاض أسعار النفط قد يعكس أيضًا زيادة في حذر المستثمرين الذين يتطلعون إلى تقليل المخاطر في ظل تصاعد هذه التوترات الاقتصادية.
التوقعات المستقبلية
في ظل هذه الظروف، تتباين التوقعات بشأن أسعار النفط في المستقبل. بعض الخبراء يتوقعون أن يظل السوق تحت ضغط حتى يتم التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين، مما قد يؤدي إلى استقرار الأسعار.
بينما يرى آخرون أن استمرار السياسات التجارية المتشددة قد يساهم في زيادة التقلبات في السوق النفطي، مما يؤدي إلى استمرار تراجع الأسعار.
ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم حاليًا قد تؤثر على خطط الدول المنتجة للنفط، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية.
ستظل أسعار النفط متأثرة بتغيرات السوق والتوترات السياسية والاقتصادية العالمية.
يعكس انخفاض أسعار النفط اليوم الأربعاء 10 أبريل 2025، تداعيات الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من مخاوف تباطؤ النمو. ومع استمرار التوترات التجارية، يظل السوق النفطي عرضة للتقلبات، مما يجعل من الصعب التنبؤ بأسعار النفط في المستقبل القريب.