في ظل التغيرات الجذرية التي طرأت على النظام التجاري العالمي خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أصبحت شركة أبل واحدة من أبرز الكيانات التكنولوجية التي تأثرت بشدة من هذه السياسات، خاصة بعد اندلاع الحرب التجارية مع الصين. فقد وضعت القرارات الجمركية الصارمة شركة أبل أمام تحديات معقدة تمس جوهر عملياتها الإنتاجية والتسويقية، خصوصًا أن تصنيع وتجميع هواتف آيفون يعتمد بدرجة كبيرة على الصين.
فبين رسوم جمركية باهظة وتكاليف إنتاج مرتفعة وتحديات لوجستية، تجد أبل نفسها أمام واقع جديد قد يفرض زيادة كبيرة في أسعار أجهزتها، وهو ما سينعكس على المستهلكين في الولايات المتحدة والعالم. في هذا التقرير ، نستعرض كيف أصبحت أبل ضحية لسياسات ترامب التجارية، وما هي التحديات التي تواجهها اليوم، وإلى أين يتجه مستقبل تصنيع الآيفون.
الآيفون في قلب الأزمة التجارية بين أمريكا والصين
تصنيع هاتف الآيفون عملية معقدة تتطلب أكثر من 1000 مكون يتم استيرادها من مختلف دول العالم، لكن 90% من عملية التجميع تتم في الصين وجعل هذا الاعتماد الكبير على الصين الشركة عرضة مباشرة للتأثر بقرارات فرض رسوم جمركية مرتفعة من قبل إدارة ترامب، وصلت في بعض الأحيان إلى 125% على السلع المستوردة من الصين.
أثر التعريفات الجمركية على أسعار الآيفون
يشير خبراء الاقتصاد إلى أن التعريفات الجمركية الإضافية التي قد تصل إلى 145% من شأنها أن تؤدي إلى زيادة مهولة في أسعار الآيفون وعلى سبيل المثال، حذر محللو بنك UBS من أن سعر جهاز آيفون 16 برو ماكس قد يقفز من 1199 دولارًا إلى 2150 دولارًا، بزيادة تصل إلى 79%، إذا استمرت السياسات الجمركية الحالية.
انتقادات واسعة لقرارات ترامب الاقتصادية
لم تمر هذه السياسات دون انتقادات، إذ وصف دان إيفز، المحلل في شركة Wedbush Securities، الوضع بأنه “عاصفة أسعار من الفئة الخامسة” تضرب المستهلك الأمريكي. كما أكد أن نقل عملية تصنيع الآيفون إلى الولايات المتحدة يتطلب 30 مليار دولار وثلاث سنوات على الأقل، فقط لنقل 10% من سلسلة التوريد، مما يجعله خيارًا غير عملي.
أسواق العالم ليست بمنأى عن التأثير
ورغم أن الأزمة بدأت في الولايات المتحدة، فإن تأثيرها يمتد عالميًا. إذ يرى محللون مثل وامسي موهان من Bank of America، وديبانجان تشاترجي من شركة Forrester، أن أبل قد تضطر إلى رفع أسعار هواتفها في الأسواق العالمية أيضًا، بهدف الحفاظ على التوازن المالي وتجنب التلاعب بالأسعار داخل السوق الأمريكي.
التحديات الاقتصادية لإنتاج الآيفون داخل أمريكا
رغم الضغوط السياسية، تواجه أبل عوائق حقيقية أمام نقل التصنيع للولايات المتحدة، من أبرزها:
- غياب المرافق اللازمة لتجميع الهواتف الذكية على نطاق واسع.
- صعوبة تدريب 200,000 إلى 300,000 عامل للعمل في هذا القطاع المتخصص.
- العمق المهني الكبير للقوى العاملة الصينية، الذي يصعب تعويضه في السوق الأمريكية.
لهذه الأسباب، ما زالت الصين الخيار الأكثر كفاءة واستقرارًا من الناحية الإنتاجية.