في تطور جديد يعكس التوجهات العالمية نحو الذهب كملاذ آمن، أعلن بنك جولدمان ساكس الاستثماري الأمريكي عن رفع توقعاته لسعر الذهب في عام 2025 إلى 3700 دولار للأوقية، مقارنة بالتوقع السابق البالغ 3300 دولار.
ويُعد هذا التعديل هو الثالث من نوعه خلال العام الحالي، في ظل الارتفاع المتواصل للطلب على المعدن الأصفر، نتيجة تزايد القلق العالمي من التوترات الاقتصادية والجيوسياسية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين.
أسباب الرفع في التوقعات
ونقلت وكالة بلومبرج الاقتصادية عن تقرير للبنك الاستثماري العملاق، أن هذا التعديل جاء نتيجة تزايد الطلب على الذهب كأداة تحوط آمنة في مواجهة تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، والتي تُلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي وتهدد بسيناريوهات أكثر تعقيدًا خلال الفترة المقبلة.
وأوضح البنك في تحليله أن الذهب يُعد “الملاذ الآمن الأهم” في ظل تزايد الضبابية بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن المستثمرين والمؤسسات باتوا أكثر توجهًا نحو الأصول الآمنة بعيدًا عن تقلبات سوق الأسهم والعملة.
سيناريو متطرف.. الذهب إلى 4500 دولار!
ولم يكتفِ جولدمان ساكس بالتوقع المتحفظ عند مستوى 3700 دولار للأوقية، بل ألمح إلى احتمالية قفز الذهب إلى مستوى 4500 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2025، في حال تحقق “سيناريو اقتصادي متطرف”، يتضمن حدوث ركود اقتصادي حاد في الولايات المتحدة وتفاقم الأزمات الجيوسياسية حول العالم.
ويؤكد البنك أن الذهب، في ظل هذه الظروف، سيواصل أداءه القوي كأداة تحوط ضد المخاطر الاقتصادية والتقلبات النقدية، وهو ما يدفع كبار المستثمرين إلى إعادة هيكلة محافظهم المالية لصالح الذهب.
أداء الذهب في الأسواق اليوم:
وعلى الرغم من التوقعات المستقبلية الصاعدة، إلا أن سعر الذهب الفوري سجل تراجعًا اليوم الإثنين بنسبة 0.3% ليصل إلى 3225.79 دولار للأوقية، كما انخفضت العقود الآجلة للذهب تسليم يونيو بنسبة 0.1% لتسجل 3240.87 دولار للأوقية.
لكن رغم هذا التراجع المحدود، ظل الذهب قريبًا من أعلى مستوى قياسي له والذي تم تسجيله الأسبوع الماضي عند 3245.69 دولار للأوقية، مما يشير إلى أن السوق ما زال في حالة ترقب وتحفظ، مع ميل عام نحو الاحتفاظ بالذهب في ظل استمرار حالة عدم اليقين.
الذهب وتحوط المستثمرين:
ويرى محللون اقتصاديون أن هذه التوقعات تعكس حجم الثقة المتزايدة في الذهب كأصل استثماري طويل الأجل، خاصة مع تزايد احتمالات دخول الاقتصاد الأمريكي في دورة تباطؤ أو ركود خلال الفترة المقبلة. وتُشكل هذه التقديرات إشارات واضحة للمستثمرين الأفراد والمؤسسات المالية بضرورة إعادة النظر في توزيع استثماراتهم، لضمان الحماية من أية هزات اقتصادية مفاجئة.
ويُذكر أن الذهب يُعد من أكثر الأصول تأثرًا بتحركات الدولار الأمريكي وأسعار الفائدة، حيث يؤدي انخفاض الدولار أو تراجع الفائدة إلى زيادة جاذبية الذهب، في حين تتسبب الفائدة المرتفعة في تقليل الإقبال عليه. ومع ترقب الأسواق لسياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال النصف الثاني من 2025، تظل التوقعات متقلبة، ولكن الميل العام يبدو في صالح الذهب.