شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، احتفالية هيئة قناة السويس بيوم التفوُّق، على ضفاف قناة السويس الجديدة بالإسماعيلية، وذلك بحضور عدد من السادة الوزراء، والمُحافظين، ورئيس هيئة قناة السويس، وقائد الجيش الثاني الميداني، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدي مصر وجامعة الدول العربية، وعددٍ من السادة سفراء دول الاتحاد الأوروبي ومُمثلي البعثات الدبلوماسية، والأمين العام لغرفة الملاحة الدولية ICS، ومسئولي الجهات المعنية وقيادات هيئة قناة السويس، ولفيف من رؤساء ومُمثلي التوكيلات الملاحية العالمية.
وألقى رئيس الوزراء كلمة استهلها، بالترحيب بالحضور في هذه البقعة الطيبة من أرض مصر على ضفاف قناة السويس الجديدة، التي التقت عندها مياه البحر الأحمر بالبحر المتوسط لأول مرة منذ عشرة أعوام في أغسطس ٢٠١٥ لتكون شرياناً حيوياً جديداً يربط الشرق بالغرب ويُحقق الاستدامة لسلاسل الإمداد العالمية، وإيذاناً لفكر جديد ومتطور في إدارة أحد أهم الممرات الملاحية في العالم إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
أهم الإنجازات التي شهدتها قناة السويس
- طفرةً في مشروعات تطوير المجرى الملاحي بالقناة بتعميق مناطق الانتظار في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي.
- إنشاء جراجات للطوارئ، وشمعات رباط عملاقة لربط السفن.
- المشروع الأضخم بتطوير القطاع الجنوبي للقناة، والذي لم يشهد أي تطوير منذ عام ١٩٩٠، نتيجةً للصعوبات والتحديات المُرتبطة بطبيعة التربة الصخرية شديدة الصلابة في تلك المنطقة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه على الرغم من التحديات المُختلفة التي واجهتها ولا تزال تواجهها قناة السويس، فإن الدعم المُستمر والمُتواصل من فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتوافر القدرات والإمكانات البشرية والفنية لدى الهيئة العريقة، كان الدافع الرئيسي لنجاح الهيئة في اجتياز المواقف الصعبة وتخطي الأزمات المتتالية.
وتابع قائلاً: نُعاني اليوم من أزمة أمنية غير مسبوقة في منطقة البحر الأحمر، التي كان لها بالغ الأثر في تراجع مُعدلات الملاحة بالقناة وتراجع الإيرادات المُحققة، رغم أن مُسببات الأزمة لا ترتبط بالأساس بقناة السويس، وهو ما يُشكل عبئاً على مصالح الدولة المصرية باعتبار القناة أحد أهم مصادر النقد الأجنبي.
وفي ذات السياق، أوضح رئيس الوزراء أن الدولة المصرية أبدت مُنذ اليومِ الأول للأزمة تَفهماً للتداعيات السياسية والاقتصادية، ولم تنخرط في اتِّخاذ أيَّة إجراءاتٍ تتعارضُ مع دورها الإقليميِّ، بل على العكس، عَملت على اتخاذ خطواتٍ فعالة نحو حل جُذور ومُسببات الأزمة سياسيًا، وتعويض الآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عنها باتخاذ خطوات فعلية نحو تعزيز الاستثمارات، وتوطين الصناعات الثقيلة، ومُواكبة التوجه العالمي للطاقة النظيفة والمُتجددة، وتنمية أنشطة الجذب السياحي وغيرها من الأنشطة التي تتضمنها خطة الدولة المصرية، وفي القلب منها قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي حديثه قائلاً: ومن هذا المنطلق، فإننا نشهدُ اليوم بالفعل تحولاً جِذرياً في أنشطة وخدمات قناة السويس وحجم شراكاتها وانفتاحها على العالم، لتتحول من هيئة ملاحية مَعْنية بالأساس بإدارة المِرفق الملاحي لقناة السويس إلى هيئة مُتعددة الأنشطة والخدمات البحرية واللوجيستية المُختلفة.
وأضاف رئيس الوزراء أن قناة السويس بدأت في استحداث خدماتٍ جديدةٍ والتَّوسع بها، كخدمات صيانة وإصلاح السفن بترسانات الهيئة، وخدمات الإسعاف البحري وتبديل الأطقم البحرية، وأيضاً خدمة جمع وإزالة المُخلفات من السفن العابرة للقناة بطريقة آمنةً ومُستدامةً، تتناسب مع جهود الهيئة للتحول الأخضر بحلول عام 2030.
وقال: كُنتُ شَاهداً على بدء توقيع اتفاق التعاون المُشترك بين هيئة قناة السويس وشركة “آنتيبوليوشن” اليونانية لتقديم خدمة الجمع الآمن لمُخلفات السفن العابرة للقناة، واليوم نشهد ثِمّار تلك الجُهود بتواجد تلك الخدمة والإعلان عنها وتقديمها بأيادٍ مصرية وبتقنيات مُتطورة صديقة للبيئة.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي حديثه قائلاً: وتُجسد هذه الشراكة نَجاحاً تتجلي مَعهُ جُهود الدولة المصرية بالتوسع في جذب الاستثمارات الأجنبية وعقد شراكات مع الشركات العالمية الكبرى، وهي دعوة جادة نتمنى من خلال سفراء دول الاتحاد الأوروبي وشركاء النجاح من الجهات المعنية بصناعة النقل البحري والخدمات البحرية واللوجيستية استثمارها، لتكون قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة مِنَصة عالمية للخدمات البحرية واللوجيستية.
إيرادات قناة السويس
وتأثرت إيرادات قناة السويس خلال الربع الأول من العام الجاري باضطرابات الملاحة في البحر الأحمر، والتي ألقت بتداعياتها على معدلات مرور السفن عبر الممر الملاحي الحيوي، منذ اندلاع الحرب بقطاع غزة في الربع الأخير من 2023.
تراجعت إيرادات القناة بنحو 6% على أساس سنوي خلال الربع الأول من هذا العام إلى 904 ملايين دولار، بحسب حسابات أجرتها “الشرق” وفق عرض تقديمي لهيئة القناة خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء. بينما نزلت 60% مقارنة مع الفترة المماثلة من عام 2023، والذي شهد في نهايته اندلاع الحرب على غزة.
انتعشت الآمال بعودة شركات الملاحة العالمية لعبور القناة بشكل طبيعي، بعد الإعلان عن هدنة بين إسرائيل وحماس، مطلع العام الجاري، مع عودة تدريجية للخطوط الملاحية إلى القناة، بدلاً من مسار رأس الرجاء الصالح الأطول، لكن الهدنة لم تدم طويلاً مع استئناف إسرائيل هجومها على القطاع في 18 مارس الماضي، مما يضفي ضبابية على أداء القناة خلال الفترة المقبلة.
شهدت قناة السويس بوادر تحسن متمثلة في تعديل 264 سفينة مسارها للعبور بالقناة بدلاً من رأس الرجاء الصالح منذ بداية فبراير، بحسب بيان صادر عن الهيئة الأربعاء. وعلى أساس شهري، زادت إيرادات القناة 29% في مارس الماضي إلى 335.6 مليون دولار، مقابل 260 مليون دولار في فبراير الماضي.
مساهمة قناة السويس في الناتج القومي
أكد أحمد كجوك وزير المالية، في «رسائل طمأنة» لمجلس النواب، أن كل مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي تحسنت بقوة خلال التسعة أشهر الماضية نتيجة لتحسن الأوضاع الاقتصادية وبناء الثقة مع شركائنا من مجتمع الأعمال والممولين، فقد حققنا أعلى فائض أولي بنحو ٤٣٥ مليار جنيه وبنسبة ٢,٥٪ من الناتج المحلي رغم تراجع إيرادات قناة السويس وقطاع البترول، حيث فقدنا ١١٠ مليارات جنيه من إيرادات قناة السويس، وتحملنا ١٥٠ مليار جنيه مساندة إضافية لقطاع الطاقة.
أضاف الوزير، فى مجلس النواب خلال إلقاء البيان المالى لمشروع الموازنة الجديدة للعام ٢٠٢٥/ ٢٠٢٦، التى ترفع شعار: «موازنة النمو والاستقرار والشراكة مع مجتمع الأعمال»: «حققنا خلال الفترة من يوليو إلى مارس الماضيين نموًا في الإيرادات العامة بنحو ٣٢٪ والمصروفات ٢٤٪، وسجلنا أعلى إيرادات ضريبية منذ سنوات بقيمة ١,٤ تريليون جنيه وبنسبة ٣٨٪ دون فرض أعباء جديدة بل بالعكس اعتمدنا على التبسيط والتسهيل والميكنة وتوسيع القاعدة الضريبية من خلال الشراكة مع مجتمع الأعمال».
تُعد قناة السويس مصدراً حيوياً للنقد الأجنبي للاقتصاد المصري البالغ حجمه 380 مليار دولار، والذي تراجعت قيمة عملته الجنيه إلى مستوى قياسي في وقت سابق من الشهر الجاري.
ويعد البحر الأحمر ممر حيوي للتجارة العالمية. وحالياً، يتعين على السفن عبور مضيق باب المندب الضيق بالقرب من ساحل اليمن إذا أرادت الإبحار من آسيا إلى قناة السويس في مصر، والتي يمر عبرها 12% من التجارة البحرية العالمية. وقد أدت الهجمات إلى انخفاض عدد الرحلات عبر تلك المنطقة، وارتفاع عدد الرحلات حول أفريقيا، الأمر الذي يصب في صالح الموانئ القريبة.