بات التساؤل الأكثر إلحاحاً بشأن تعافي الدولار مجدداً، بعدما شهد أكبر سقوط له، حيث تراجع الدولار هذا الأسبوع إلى أقل مستوى منذ ديسمبر 2023، بعدما أدى التهديد الذي أطلقه الرئيس دونالد ترامب بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، وكذلك خطر حدوث ركود في الولايات المتحدة، إلى تزايد صفقات “بيع الأصول الأمريكية”.
الدولار في طريقه للارتفاع
قال كين تشيونغ، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسعار صرف العملات الآسيوية لدى “ميزوهو بنك” (Mizuho Bank)، إن “الدولار في طريقه إلى الارتفاع مجدداً، سواء كان التعافي لفترة قصيرة أو طويلة. تشير مراكز البيع الكثيرة، والعوامل الفنية، وفروق العائدات الحقيقية إلى احتمال تعافي العملة الخضراء”، لكن الارتفاع قد يكون محدوداً بضغط من العناوين الرئيسية السلبية المرتبطة بالدولار.
الدولار.. توقعات بتعافٍ وشيك
تراجع مؤشر القوة النسبية لمؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري إلى أقل مستوى منذ 2020، ما يشير إلى أن انخفاض العملة الخضراء 10% عن ذروتها هذا العام، التي بلغتها في فبراير، ربما يكون تقديراً مبالغ فيه. كان مؤشر القوة النسبية قد تراجع إلى مستويات مشابهة في يوليو 2023 قبل أن يرتفع الدولار بحوالي 7% خلال الشهور التالية.
قد يشكل ارتفاع مراكز بيع الدولار مؤشراً آخر على تعاف وشيك، إذ ارتفع صافي مراكز بيع المضاربين على العملة الخضراء مقابل 10 عملات وعلى مؤشر الدولار إلى 40 مليار دولار الأسبوع الماضي، ما يعد أعلى مستوى له منذ أكتوبر، وفق البيانات الصادرة عن لجنة تداول السلع الآجلة التي جمعتها “بلومبرغ”.
أشار كريستوفر وونغ، المحلل الاستراتيجي لأسعار صرف العملات الأجنبية لدى “أوفر سي تشاينيز بانكينغ” (Oversea-Chinese Banking)، إلى أن “موجة بيع الدولار قد يكون مبالغاً فيها في الفترة الحالية. كما أصبح الرهان على انخفاض الدولار اتجاهاً سائداً في السوق، ما يستدعي قدراً من الحذر، بالأخص في حالة حدوث أي حالات لتغطية المراكز المكشوفة”.
الإقبال على سندات الخزانة مستمر
توضح البيانات الصادرة من الاحتياطي الفيدرالي أن قيمة سندات الخزانة القابلة للتداول المُحتَفظ بها نيابة عن البنوك المركزية والسلطات المالية الأجنبية والمؤسسات الدولية ارتفعت أكثر من 10 مليارات دولار خلال الأسبوعين المنتهيين في 16 أبريل. ويظهر ذلك أن تراجع سندات الخزانة لم يثن مديري الاحتياطيات عن شراء السندات الحكومية الأميركية، وهي خطوة من شأنها أن تدعم الدولار.
مكاسب الثلاثاء
لا يزال الدولار يوفر عائداً أعلى مقارنة بعملات رئيسية أخرى بعد التعديل وفق التضخم، ما قد يعطي زخماً لارتفاع العملة الخضراء أيضاً.
واجهت العملة الأمريكية صعوبات للحفاظ على مكاسبها الثلاثاء، إذ ارتفعت بنحو 0.2% خلال التداول المبكر في الأسواق الآسيوية قبل التحول إلى الخسارة، ولم تغلق على ارتفاع إلا في ثلاث جلسات تداول منذ بداية الشهر.
هل يفقد الدولار هيبته المالية؟
وظل الدولار عملة احتياط عالمية، وحقق أداءً متفوقًا على معظم الأسواق العالمية خلال العقد الماضي، ما زاد من الطلب على العملة الخضراء.
لكن الأسواق الأمريكية، بما في ذلك الأسهم والسندات، شهدت تراجعًا ملحوظًا في ظل النزاع التجاري بين إدارة ترامب والقيادات الأجنبية، ما ساهم في الضغط المتزايد على الدولار.
ويحتل الدولار مركزًا محوريًا في قطاع التجارة، حيث تمثل فواتير التصدير المقومة بالدولار نحو 54%، وفقًا للمجلس الأطلسي.
أما في قطاع التمويل، فتزداد هيمنته بشكل أكبر، إذ تبلغ نسبة القروض والودائع الدولية المقومة بالدولار 60%، بينما تصل نسبة إصدارات السندات الدولية إلى 70%. في مجال صرف العملات الأجنبية، تمثل المعاملات التي تتضمن الدولار حوالي 88%.