فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية تتجاوز 100% على واردات السلع الصينية، مما أثار موجة من الغضب والردود القوية من الجانب الصيني. وفي المقابل، أعلنت الصين استعدادها لـ”القتال حتى النهاية”، مؤكدة أنها سترفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية من 34% إلى 84%.
ويعيد هذا التصعيد غير المسبوق بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم إلى الأذهان ذكريات التوترات التجارية السابقة، لكنه هذه المرة ينذر بعواقب اقتصادية وخيمة قد تمتد إلى مختلف أنحاء العالم.
فما الذي يعنيه هذا الصراع المتصاعد للاقتصاد العالمي؟ وما حجم العلاقة التجارية بين البلدين؟ وما التدابير التي قد يتخذها الطرفان مستقبلًا؟ وماذا سيكون مصير الأسواق العالمية إذا اندلعت حرب تجارية شاملة؟

حجم التجارة المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين
تشير الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري في السلع بين الولايات المتحدة والصين بلغ حوالي 585 مليار دولار خلال العام الماضي. حيث استوردت الولايات المتحدة سلعًا بقيمة 440 مليار دولار من الصين، بينما استوردت الصين ما قيمته 145 مليار دولار فقط من الولايات المتحدة.
ينتج عن هذا الاختلال عجز تجاري أمريكي تجاه الصين قدره 295 مليار دولار عام 2024، وهو رقم كبير يعادل نحو 1% من الاقتصاد الأمريكي، بالرغم من أن ترامب زعم مراراً أنه يقترب من تريليون دولار.
كيف تغيرت العلاقة التجارية خلال العقد الماضي؟
فرض ترامب خلال ولايته الأولى رسوماً جمركية كبيرة على السلع الصينية، سياسة واصلها خلفه جو بايدن بل وعززها برسوم إضافية.
وأدى ذلك إلى انخفاض حصة السلع الصينية من إجمالي الواردات الأمريكية من 21% عام 2016 إلى 13% العام الماضي.
رغم ذلك، أعادت الصين توجيه بعض صادراتها إلى الولايات المتحدة عبر دول جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا وتايلاند وكمبوديا وفيتنام، لتجنب الرسوم الجمركية.
ماذا يتبادل البلدان تجارياً؟
تصدّر الولايات المتحدة إلى الصين بشكل أساسي فول الصويا المستخدم لتغذية نحو 440 مليون خنزير، إضافة إلى النفط والأدوية.
أما الصين، فتصدر إلى الولايات المتحدة الإلكترونيات، أجهزة الكمبيوتر، الألعاب، البطاريات، والهواتف الذكية التي تمثل 9% من إجمالي الواردات الأمريكية.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الهواتف الذكية المصنعة في الصين تخص شركات أمريكية مثل أبل، التي شهدت انخفاضاً في قيمتها السوقية بنسبة 20% خلال الشهر الأخير بسبب التوترات التجارية.
الأبعاد الصناعية والاستراتيجية للصراع
تلعب الصين دوراً رئيسياً في تنقية المعادن الحيوية اللازمة للصناعة العالمية، مثل النحاس، الليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة.
وفرضت بكين قيوداً على تصدير مواد أساسية مثل الجرمانيوم والغاليوم المستخدمة في التطبيقات العسكرية الأمريكية، كرد فعل استراتيجي على الضغوط التجارية.
من جهتها، تسعى الولايات المتحدة إلى إحكام الحصار التقني على الصين، خاصة فيما يتعلق بتصدير الرقائق الدقيقة، التي تُعد ضرورية لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتي لا تزال الصين عاجزة عن تصنيعها بكفاءة.
التداعيات المحتملة على الاقتصاد العالمي
تشكل الولايات المتحدة والصين معًا نحو 43% من الاقتصاد العالمي وفق صندوق النقد الدولي لعام 2024.
لذلك، فإن دخول البلدين في حرب تجارية مفتوحة سيؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي، تراجع الاستثمارات، وزيادة احتمالات الركود الاقتصادي في العديد من الدول.
وقد يؤدي فائض الإنتاج الصيني إلى “إغراق” الأسواق العالمية بمنتجات رخيصة مدعومة حكوميًا، كما حذرت منظمات مثل “يو كي ستيل”، وهو ما قد يضر بالمنتجين المحليين في دول عدة، مهددًا الوظائف ومستويات الأجور.