يتوقع خبراء الاقتصاد أن تؤدي الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إبطاء النمو الاقتصادي في العامين الجاري والمقبل، إذ تؤدي الرسوم الجمركية إلى رفع الأسعار وتُضعف من قدرة المستهلكين على الإنفاق.
توقعات أداء الاقتصاد الأمريكي
من المنتظر أن ينمو الاقتصاد الأمريكي 1.4% خلال العام الحالي، وبنسبة 1.5% خلال 2026، وفق أحدث استطلاع أجرته “بلومبرغ” لآراء خبراء الاقتصاد، مقارنة بتوقعات بلغت 2% و1.9% على التوالي في استطلاع الشهر الماضي. يتوقع المشاركون في الاستطلاع الآن، في المتوسط، احتمالاً نسبته 45% لحدوث ركود اقتصادي خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مقارنة بنسبة 30% في مارس الماضي.
رسوم جمركية واسعة
أثار قرار ترمب بفرض رسوم جمركية 145% على الصين -ثالث أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة- إلى جانب رسوم لا تقل عن 10% على معظم الدول الأخرى، تحذيرات واسعة بين خبراء الاقتصاد من تباطؤ كبير محتمل، إذ توقع بعضهم حدوث ركود العام الجاري. ويرجع ذلك جزئياً إلى التعديلات الكبيرة بالخفض في تقديرات طلب الأسر، الذي يمثل نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي.
أوضح بريت رايان، كبير خبراء الاقتصاد الأميركيين في مصرف “دويتشه بنك”: “يتطلب تحقيق نتائج نمو أقوى حلاً أسرع للحرب التجارية وتجديد الثقة في عملية صنع السياسات في الولايات المتحدة”.
قال خبيرا الاقتصاد في بنك “كوميريكا”، بيل آدامز وواران بهايريثان: “من المتوقع أن يرتفع التضخم، لكنه لن يصل إلى مستويات 2022. منذ بدء رفع الرسوم الجمركية، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في التحذير من أن المعايير المطلوبة لخفض أسعار الفائدة أصبحت أعلى في ظل ارتفاع التضخم مقارنة بما تكون عليه خلال أزمة اقتصادية تقليدية، والتي تؤدي عادة إلى تراجع كل من الطلب والأسعار”.
تأثير رسوم ترامب على سوق العمل
ومن المتوقع أن تظل سوق العمل متماسكة إلى حد كبير على المدى القريب، إذ يتوقع المحللون أن يضيف أرباب العمل ما بين 72 ألفاً و100 ألف وظيفة شهرياً في المتوسط خلال العامين الجاري والمقبل، على التوالي. كما يُتوقع أن يرتفع معدل البطالة ليصل إلى 4.6% بحلول نهاية 2025، مقارنة مع تقدير سابق بلغ 4.3% في استطلاع مارس.
في حين أن إدارة ترامب نفذت تعليقاً لمدة 90 يوماً على بعض الرسوم الجمركية العقابية التي أُعلن عنها في وقت سابق من الشهر الجاري، فإن معدل الرسوم الجمركية الفعال في البلاد وصل الآن إلى نحو 23%، وهو الأعلى منذ أكثر من قرن، بحسب تقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”. ألحق هذا الوضع ضرراً واضحاً بثقة المستهلكين والشركات على حد سواء.
من جهته، قلص صندوق النقد الدولي بشكل كبير توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي الأسبوع الجاري، محذراً من أن استمرار الرسوم الجمركية الأميركية على حالها سيؤدي إلى تأثيرات متسلسلة تمتد إلى مختلف أنحاء العالم.
تأثير رسوم ترامب الجمركية على نمو الواردات
أظهر استطلاع “بلومبرغ” أن خبراء الاقتصاد باتوا يتوقعون ارتفاع الواردات الأميركية بمعدل سنوي قدره 19.2% خلال الربع الأول، مع تسارع الشركات في إدخال البضائع إلى السوق الأميركية قبل بدء تطبيق الرسوم الجمركية الأعلى. كما عدلوا أيضاً التقديرات المستقبلية للانخفاض حتى 2027.
يتوقع المحللون أيضاً تراجعاً في الصادرات الأمريكية حتى 2026، إذ فرضت دول من بينها الصين رسوماً جمركية انتقامية على البضائع الأميركية، ما سيزيد من تكلفة استيراد هذه السلع ويؤدي على الأرجح إلى انخفاض الطلب عليها في الأسواق الخارجية.
ومن المقرر أن يُصدر مكتب التحليل الاقتصادي في الولايات المتحدة تقديره الأولي لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول بتاريخ 30 أبريل الحالي.
يتوقع خبراء الاقتصاد أن يبلغ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي -المؤشر المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم- ذروته عند 3.2% بنهاية 2025، ارتفاعاً من التقدير السابق البالغ 2.7% في استطلاع مارس الماضي. كما من المنتظر أن يصل معدل التضخم الأساسي في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة، إلى 3.3%.
رسوم ترامب تهدد مستهلكي أمريكا
يعتقد عدد من الخبراء أن الوضع الاقتصادي بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين قد يزداد سوءاً.
قال تقرير نشره موقع “بيزنس انسايدر” إن رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية بدأت بالفعل تُحدث فوضى في سلسلة التوريد، ويعتقد عدد من الخبراء أن الوضع قد يزداد سوءًا.
ونقل التقرير عن 9 من الباحثين في سلاسل التوريد، والمطلعين على صناعة الشحن، والمتخصصين في مجال اللوجستيات حول الإطار الزمني الذي قد يبدأ فيه المستهلكون بملاحظة التأثيرات الأبرز لسياسة ترامب التجارية “الانتقامية”، في حال استمر في استراتيجيته الحالية. واتفقوا على أنه، خلال الأسابيع المقبلة، يمكن للأمريكيين توقع اضطرابات كبيرة في أسعار وتوفر السلع -من المحتمل أن تكون رفوف المتاجر أكثر فراغًا، وسترتفع الأسعار، وقد تنفد بعض المنتجات أسرع من غيرها.
وإذا استمر الوضع على المسار الحالي، قال 4 من الخبراء إن تلك التأثيرات قد تتضاعف بحلول نهاية العام، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة داخل الولايات المتحدة، وزعزعة الاستقرار في الأسواق العالمية، وزيادة التوترات الجيوسياسية.