في خطوة نحو معالجة المشكلات التي نشأت عن العقود الإيجارية القديمة، شرع مجلس النواب المصري في دراسة مشروع قانون يهدف إلى تعديل قانون الإيجارات القديمة، وقد تقدمت الحكومة بهذا المشروع بهدف تحقيق توازن عادل بين أصحاب العقارات والمستأجرين، حيث يركز على تصحيح العلاقة الإيجارية للأماكن التجارية والإدارية المؤجرة للأفراد، بما يتناسب مع الأسعار الحالية في السوق العقاري.

ويتضمن مشروع القانون المقترح زيادة كبيرة في قيمة الإيجار للأماكن غير السكنية، مثل المحال التجارية والمكاتب الإدارية، حيث يُتوقع أن تكون الزيادة خمسة أضعاف القيمة الحالية للإيجار، وسيتم تطبيق هذه الزيادة اعتبارًا من بداية فترة استحقاق الإيجار الشهرية بعد سريان القانون. ويأتي هذا التعديل في ظل التفاوت الكبير بين قيمة الإيجار المدفوعة حاليًا وأسعار السوق الحقيقية، وهو ما أدى إلى تزايد الأزمات بين الملاك والمستأجرين، وهذه الخطوة تعتبر محاولة لتصحيح هذا الوضع الذي عانى منه السوق لفترة طويلة.
الحوار المجتمعي والمشاركة الفعالة للأطراف المعنية
أطلقت لجنة الإسكان بمجلس النواب أولى جلسات الحوار المجتمعي، برئاسة النائب محمد عطية الفيومي، والتي بدأت يوم الاثنين بحضور مختلف الأطراف المعنية. جلسات الحوار شهدت مشاركة واسعة من الملاك والمستأجرين، بالإضافة إلى ممثلين عن الوزارات والجهات الحكومية المعنية، وممثلين من المجلس القومي لحقوق الإنسان والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الهدف من هذه الجلسات هو الاستماع إلى مخاوف ومقترحات جميع الأطراف بشأن التعديلات المقترحة.
كما يتضمن مشروع القانون منح فترة انتقالية تمتد إلى خمس سنوات بعد سريان التشريع الجديد، حيث سيتم خلالها إنهاء عقود الإيجار القديمة بشكل تدريجي، سيتم مراعاة تقديم بدائل سكنية وتمويلية للمستأجرين المتضررين من التعديلات، وذلك بهدف تجنب حدوث أزمات اجتماعية أو اقتصادية حادة، وتسعى الحكومة من خلال هذا الإجراء إلى الحفاظ على استقرار السوق وتخفيف آثار التحول في المنظومة الإيجارية.
التوجه نحو تحديث التشريعات العقارية وتنشيط السوق
أكد النائب طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان، أهمية الحوار المجتمعي في المساهمة في تطوير سوق الإيجار وتنشيطه، وأوضح أن اللجنة تسعى إلى الوصول إلى رؤية متكاملة تضمن العدالة لجميع الأطراف، مع مراعاة اختلاف الظروف والاحتياجات بين الملاك والمستأجرين، ومن خلال هذه الجهود، تسعى الحكومة والبرلمان إلى تحديث التشريعات العقارية في مصر، بما يساهم في معالجة المشكلات المتراكمة التي طالما شغلت السوق العقاري.
ويعد مشروع القانون هذا خطوة هامة نحو إصلاح القطاع العقاري، حيث يسعى إلى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل عادل، ويهدف إلى توفير بيئة قانونية واقتصادية قادرة على دعم التنمية المستدامة.
وفي الوقت نفسه، يعزز المشروع من استقرار سوق الإيجارات ويعمل على حماية حقوق جميع الأطراف المعنية.
ومع استمرار النقاشات المجتمعية والجلسات البرلمانية حول مشروع القانون، يترقب الجميع التوصل إلى صيغة توافقية تواكب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق توازن مستدام في سوق الإيجارات المصرية.