شهدت أسواق النفط العالمية أسبوعًا من التذبذب الحاد، بلغ ذروته في ختام تعاملات الجمعة، حيث تكبّدت الأسعار خسائر أسبوعية هي الأكبر منذ نهاية مارس الماضي. وجاء هذا التراجع وسط حالة من الحذر الشديد تسود الأسواق، في انتظار ما سيسفر عنه الاجتماع المرتقب لتحالف “أوبك+”، الذي تقرر تقديم موعده المفاجئ دون إعلان رسمي عن الأسباب، وهو ما زاد من حدة التكهنات بشأن مستقبل السياسة الإنتاجية للتحالف في يونيو المقبل.
وتتداخل عدة عوامل لتزيد من تعقيد المشهد النفطي، من بينها التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والمخاوف من استمرار الفائدة المرتفعة في أميركا، فضلًا عن تحركات السياسة الأميركية تجاه إيران، والتي تهدد بتقليص المعروض النفطي العالمي. في هذا السياق المتوتر، جاءت تراجعات الأسعار لتعكس هشاشة التوازن بين العرض والطلب، وتوقعات المستثمرين بتغيرات جذرية محتملة في سياسة الإنتاج.

أسعار النفط تتكبد خسائر أسبوعية هي الأكبر منذ مارس
أغلقت أسعار النفط تعاملات الجمعة على انخفاض واضح:
- خام برنت خسر 81 سنتًا (1.3%) ليغلق عند 61.32 دولارًا للبرميل.
- خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تراجع بنسبة 1.6% أو ما يعادل 95 سنتًا إلى 58.29 دولارًا للبرميل.
وتظهر البيانات أن خام برنت بصدد تسجيل خسارة أسبوعية بنسبة 8.6%، في حين تتجه خسائر خام غرب تكساس نحو 8%، مما يعكس تراجع ثقة الأسواق في استقرار الأسعار على المدى القصير.
اجتماع أوبك+
تتجه الأنظار نحو اجتماع أوبك+ الذي جرى تقديمه عن موعده السابق في 5 مايو، وسط تضارب في الآراء بين أعضاء التحالف. وتشير تسريبات إلى أن النقاش يدور حول خيارين رئيسيين:
- زيادة تدريجية في الإنتاج لمواكبة الأسواق.
- أو زيادة محدودة في ظل ضعف الطلب العالمي.
وأكدت مصادر أن السعودية لا تنوي تقديم دعم إضافي للأسواق عبر خفض الإنتاج، مشيرة إلى قدرتها على التعايش مع الأسعار الحالية لفترة طويلة، وهو ما قد يشير إلى توجه أكثر تحفظًا من جانب الرياض.
التجارة والفائدة
أحد المحركات الأساسية لتراجع أسعار النفط هو استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما يلقي بظلال سلبية على الطلب العالمي. كما أظهرت بيانات الوظائف الأميركية ارتفاعًا إلى 177 ألف وظيفة جديدة في القطاعات غير الزراعية خلال أبريل، مما عزز توقعات ببقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول، وهو ما يؤدي تقليديًا إلى انخفاض أسعار السلع، ومنها النفط.
وفي الجانب الآخر، تحاول الصين تقييم عرض أميركي جديد لاستئناف محادثات خفض الرسوم الجمركية، ما أضفى شيئًا من التفاؤل المؤقت، لكن المحللين يؤكدون أن الصورة لا تزال ضبابية وسط غياب مؤشرات حقيقية على انفراج قريب.
النفط الإيراني
في تطور سياسي قد يؤثر بشدة على المعروض النفطي العالمي، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات ثانوية على مشتري النفط الإيراني، مستهدفًا بذلك دولًا مثل الصين التي لا تزال تواصل استيراده رغم العقوبات. هذا التهديد من شأنه زيادة تعقيدات المشهد النفطي، خاصة في حال قررت الإدارة الأميركية فرض قيود مشددة على الدول المستوردة، وهو ما قد يؤدي إلى خفض مفاجئ في العرض العالمي ويخلق حالة من الفوضى في السوق.
خفض إنتاج “أوبك+” مستمر: 5 ملايين برميل خارج السوق يوميًا
يُذكر أن تحالف “أوبك+” لا يزال يلتزم بتخفيضات تفوق 5 ملايين برميل يوميًا، في محاولة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمية. ومع كل اجتماع جديد، يُعاد طرح مسألة تخفيف هذه التخفيضات أو تمديدها، حسب التقديرات المحدثة لحالة الطلب العالمي وأسعار النفط.