أعاد مشروع قانون تعديل الإيجار القديم الجدل إلى الساحة السياسية والبرلمانية في مصر، بعد أن ناقشته اللجنة المشتركة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب. وبين تطمينات الحكومة ومخاوف النواب، بات واضحًا أن الأمر لا يقتصر على علاقة تعاقدية بين مالك ومستأجر، بل يتجاوز ذلك ليشكل قضية مجتمعية ذات بعد إنساني واقتصادي يتطلب توازنًا دقيقًا في صياغة أي حلول تشريعية.
أكد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، خلال اجتماع اللجنة، أن مشروع القانون لن يؤدي إلى إخراج أي مستأجر إلى الشارع، حيث لن يتم تحرير العلاقة الإيجارية إلا بعد توفير سكن بديل مناسب، في إطار خطة حكومية شاملة تتضمن مراعاة البعد الاجتماعي والإنساني في تطبيق القانون.
إيجاد حلول واقعية للأزمة
أكد الوزير شريف الشربيني أن هناك لجانًا متخصصة ستُشكل لدراسة الحالات المختلفة، بما يضمن تحقيق العدالة بين المالك والمستأجر، وتقييم الوضع القانوني والاجتماعي لكل حالة. ولفت إلى أن الأزمة حقيقية ومعقدة، وتتطلب تطبيقًا واقعيًا للقانون الجديد بما يحقق التوازن ولا يضر أحد الطرفين.
وأوضح أن الدولة تعمل حاليًا على بناء وحدات سكنية جديدة لتوفير سكن بديل للفئات المتأثرة، خاصة غير القادرين، وذلك قبل بدء عملية تحرير العلاقة الإيجارية. وأشار إلى أن هناك ما يقرب من 2.5 مليون وحدة سكنية خاضعة لقانون الإيجار القديم، ما يتطلب جهدًا مشتركًا لتحقيق العدالة الاجتماعية دون الإضرار بالسلم المجتمعي.
حماية الفئات الضعيفة وتقييم الحالات
من النقاط البارزة التي تناولها النقاش البرلماني هو التأكيد على أن المادة 7 من مشروع القانون تلزم بمراعاة البعد الإنساني، مع إمكانية الإبقاء على بعض العقود دون تعديل بناءً على تقييم دقيق للحالة الاجتماعية للمستأجرين. وتمت الإشارة كذلك إلى أن الوحدات المغلقة تمثل عبئًا على الملاك وتظلمهم، في ظل استفادة مستأجرين يمتلكون بدائل سكنية أخرى.
مقترحات نيابية ومخاوف من تهديد السلم المجتمعي
شهدت الجلسة البرلمانية نقاشات حادة وتحذيرات من مغبة تحرير العلاقة بشكل غير مدروس. حيث اعتبر النائب عمرو درويش أن تطبيق التحرير بعد خمس سنوات فقط قد يمثل خطرًا على السلم المجتمعي، واقترح البدء بتحرير الوحدات المغلقة فورًا، إلى جانب تحرير إيجارات المحلات وزيادة القيم الإيجارية تدريجيًا.
ودعا درويش الحكومة إلى عدم الضغط على البرلمان لإقرار المشروع كما حدث في قوانين سابقة، مشيرًا إلى ضرورة الحوار المجتمعي والتدرج في التطبيق.
جدل دستوري وتحذير من “المقبرة السياسية”
من جهته، حذر النائب محمد عبد العليم داوود من أن القانون قد يمثل “مقبرة سياسية” للنواب إن لم تتم مراعاة مصالح المواطنين، مطالبًا بضمانات حقيقية من الحكومة للوفاء بتعهداتها. بينما شدد النائب ضياء الدين داوود على أن مشروع القانون قد يتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية، ما يتطلب مراجعة دقيقة للنصوص القانونية.
الحكومة: لا قرارات منفردة والهدف توافق مجتمعي
في ختام الجلسة، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية، أن الحكومة لا تضغط على البرلمان، وأن الغرض من النقاش هو الوصول إلى صيغة توافقية تُرضي جميع الأطراف. ودعا النواب لتقديم مقترحاتهم بشأن فترات التنفيذ وزيادة الإيجارات بشكل عادل ومنصف.