في ظل التصعيد المستمر في السياسة التجارية الأمريكية تجاه الصين، وتحديدًا بعد فرض رسوم جمركية جديدة وصلت إلى 145% على بعض السلع الصينية، لجأ المصدرون الصينيون إلى استراتيجية جديدة للتحايل على هذه الإجراءات، تقوم على شحن البضائع عبر دول ثالثة بهدف إخفاء بلد المنشأ الأصلي.
أثارت هذه الممارسات التي كشفتها صحيفة فايننشال تايمز قلقًا متزايدًا في الأسواق المجاورة للصين، والتي بدأت تشهد تدفقًا غير معتاد للبضائع الصينية. وتخشى هذه الدول أن تتحول إلى محطات عبور تجارية تستخدمها الشركات الصينية للنفاذ إلى السوق الأمريكية الهام دون دفع الرسوم المفروضة.
وتسلط التحركات الصينية الأخيرة الضوء على هشاشة أنظمة التتبع الجمركي في بعض الدول، وتفتح تساؤلات جديدة حول مستقبل التجارة العالمية في ظل تصاعد الحروب الاقتصادية واستخدام الأدوات الجمركية كوسائل ضغط سياسي.
شحن البضائع عبر ماليزيا
بحسب تحقيقات “فايننشال تايمز”، فإن بعض المصدرين الصينيين باتوا يستخدمون منصات مثل “شاوهونغشو” لعرض خدمات شحن البضائع إلى دول مثل ماليزيا، حيث يتم إصدار شهادات منشأ جديدة، قبل إعادة تصدير المنتجات إلى الولايات المتحدة.
هذه الطريقة تُخفّض من قيمة الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية، من خلال تغيير المنشأ الظاهري للبضائع، وهو ما يشكل تحايلاً على قوانين التجارة الأمريكية التي تنص على أن البضائع يجب أن undergo “تحويل جوهري” في البلد الوسيط.
دول الجوار في مأزق
أثارت هذه الاستراتيجية حفيظة بعض الدول المجاورة للصين، التي وجدت نفسها غير راغبة في لعب دور الوسيط التجاري في صراع اقتصادي لا يعنيها مباشرة.
وتشير التقارير إلى أن تدفق البضائع الصينية إلى هذه الدول ارتفع بشكل ملحوظ، مما دفع ببعض الحكومات لمراقبة حركة الشحنات والتدقيق في شهادات المنشأ التي تُستخرج داخل حدودها.
كوريا الجنوبية تكشف: بضائع مزورة بـ 21 مليون دولار
في تطور مرتبط، أعلنت هيئة الجمارك في كوريا الجنوبية أنها ضبطت مؤخرًا منتجات أجنبية بقيمة 29.5 مليار وون (21 مليون دولار) تحمل بلدان منشأ مزورة، وأغلبها قادمة من الصين ومتجهة نحو السوق الأمريكية.
وقالت الهيئة إنها لاحظت زيادة كبيرة في استخدام كوريا كممر تجاري مزيف، بما يخالف قواعد التجارة الدولية، وقد باشرت تحقيقات موسعة للحد من هذه العمليات التي تهدد سمعة البلاد التجارية.
قوانين التجارة الأمريكية.. وما يعتبر “تحويلاً جوهريًا”
تنص قوانين الجمارك الأمريكية على أن الدولة التي تمرّ بها البضائع لا تُعد بلد منشأ ما لم يتم فيها تصنيع أو معالجة تضيف قيمة كبيرة إلى المنتج. أي أن مجرد إعادة التغليف أو الشحن لا يغيّر من هوية المنتج.
لكن في الواقع، يعتمد المصدرون على ثغرات في النظام، إذ يقومون بإجراء عمليات سطحية في دول مثل ماليزيا أو فيتنام، للحصول على شهادة منشأ جديدة، ثم يشحنون البضاعة إلى الولايات المتحدة بمستوى رسوم جمركية أقل أو صفرية.