في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تقلبات متزايدة، أطلق رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، تحذيرًا جديدًا يُضاف إلى سلسلة التحذيرات التي تُبرز مدى تعقيد المرحلة الحالية وتحدياتها أمام صانعي السياسات النقدية. تصريحات باول، التي جاءت خلال مؤتمر صحفي عُقد الخميس، حملت نبرة أكثر حذرًا حيال المستقبل الاقتصادي، مشيرًا إلى أن موجات صدمات العرض قد لا تكون مؤقتة، بل مستمرة ومكرّرة، مما قد يغيّر شكل السياسات الاقتصادية التي سادت خلال العقدين الماضيين.
فرغم مؤشرات التباطؤ في التضخم التي بدت واضحة خلال شهر أبريل، فإن باول أبدى تحفظًا إزاء استنتاجات متفائلة قد تُبنى على هذه الأرقام، موضحًا أن التباطؤ قد يكون نتيجة ضعف في الطلب المحلي أكثر منه تحسنًا حقيقيًا في العرض.
صدمات عرض متكررة تهدد الاستقرار العالمي
أكد باول أن الاقتصاد العالمي ربما يدخل مرحلة جديدة تتسم بصدمات عرض متكررة ومستمرة، وهو ما يشكل تحديًا معقدًا أمام صناع القرار النقدي. هذه الصدمات قد تنتج عن اضطرابات جيوسياسية، تغيرات مناخية، أو توترات في سلاسل التوريد العالمية، ما يؤدي إلى موجات تضخمية يصعب السيطرة عليها كما كان الحال في السنوات السابقة.
الفيدرالي الأمريكي أمام معادلة صعبة
رغم تباطؤ معدل التضخم بحسب بيانات مؤشر أسعار المستهلك خلال أبريل، فإن بعض الاقتصاديين يرون أن هذا التباطؤ ناتج عن تراجع في الطلب، لا عن تحسن فعلي في بيئة الإنتاج أو تدفقات السلع.

سوق العمل الأمريكي لا يزال قويًا لكن التحديات مستمرة
أشار باول إلى أن سوق العمل في الولايات المتحدة لا يزال يتمتع بالقوة، مع استمرار الاقتصاد في خلق وظائف بوتيرة مرتفعة ومعدل بطالة عند مستويات منخفضة. ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن التهديدات المتمثلة في الرسوم الجمركية المحتملة قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة مستقبلًا، ما يعيد إلى الواجهة معضلة الموازنة بين دعم النمو والسيطرة على التضخم.
رسائل باول
في إشارة إلى الضغوط السياسية التي قد يمارسها الرئيس السابق دونالد ترامب في حال عودته إلى المشهد السياسي، شدد باول على أن مطالبات ترامب لن تؤثر على قرارات المجلس، مؤكدًا استقلالية الفيدرالي الأمريكي وحرصه على تحقيق الاستغلال الأمثل لسوق العمل واستقرار الأسعار بعيدًا عن التجاذبات السياسية.