في خطوة استراتيجية تؤكد عمق الشراكة الاقتصادية بين مصر وروسيا وتأتي تتويجًا للزخم السياسي والدبلوماسي المتنامي بين البلدين، لا سيما بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى موسكو مؤخرًا، شهدت العاصمة الروسية توقيع عقد الانتفاع الرسمي للمنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ويعد هذا المشروع من أهم ثمار التعاون الثنائي الذي يجمع بين القاهرة وموسكو، كما يعد أحد أبرز نتائج الدورة الخامسة عشرة للجنة المصرية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني.
ويهدف المشروع إلى تحويل المنطقة إلى مركز صناعي ولوجستي ضخم يخدم الأسواق الإفريقية والشرق أوسطية ويدعم التوجه المصري نحو توطين الصناعة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلاً عن كونه بوابة لروسيا لتعزيز وجودها الصناعي والتجاري في القارة السمراء عبر منصة مصرية متقدمة.
توقيع تاريخي في موسكو
شهد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية ونظيره الروسي أنطون أليخانوف وزير الصناعة والتجارة، مراسم توقيع عقد الانتفاع للمنطقة الصناعية الروسية، وهو ما يمثل الانطلاقة الفعلية للمشروع بعد سنوات من التحضيرات والمباحثات المشتركة.
ويأتي التوقيع على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة، التي ناقشت سبل تعزيز التعاون في قطاعات متنوعة تشمل الاقتصاد والتعليم والصحة والطاقة والتكنولوجيا والزراعة.
المنطقة الصناعية الروسية
تقع المنطقة الصناعية الروسية في قلب المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وتعد من أبرز المشاريع التنموية التي تستهدف جذب استثمارات روسية في قطاعات متنوعة تشمل الصناعات الهندسية والكيماوية والدوائية والثقيلة ومكونات السيارات وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والمعدنية.
ومن المتوقع أن تخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وأن تسهم في تعزيز التنافسية التصديرية للمنتجات المصرية والروسية على حد سواء.
مناخ استثماري جاذب وشراكة متكاملة
أكد الوزير حسن الخطيب أن الحكومة تولي اهتمامًا خاصًا بتقديم كافة أوجه الدعم للمستثمرين الروس، من خلال منظومة حوافز استثمارية قوية وإصلاحات مؤسسية مستمرة.
وشدد على أهمية المنطقة الصناعية في دعم أهداف مصر الاستراتيجية لتوطين الصناعة، وتبسيط إجراءات التأسيس والتشغيل أمام المستثمرين، مشيرًا إلى أن المناخ الاستثماري في مصر بات أكثر تنافسية وجاذبية على مستوى المنطقة.
بوابة روسيا إلى الشرق الأوسط وإفريقيا
من جانبه، أكد الوزير الروسي أنطون أليخانوف أن المنطقة الصناعية الروسية لن تقتصر على كونها مشروعًا اقتصاديًا فقط، بل ستمثل قاعدة لتبادل المعرفة التقنية ونقل التكنولوجيا بين البلدين، وستكون نافذة استراتيجية لروسيا نحو أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا، اعتمادًا على ما توفره المنطقة من خدمات لوجستية وبنية تحتية متقدمة بفضل موقعها المحوري عند قناة السويس.
نقلة نوعية في العلاقات الثنائية
جاء هذا التوقيع كثمرة لاجتماعات موسعة استمرت لعدة أيام، بمشاركة أكثر من 30 جهة حكومية من الجانبين المصري والروسي، وأسفرت عن بروتوكولات تعاون في قطاعات متعددة.
ويعكس ذلك الجدية في الانتقال بالعلاقات الثنائية من مستوى التفاهمات إلى مرحلة التنفيذ العملي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والحاجة إلى شراكات إنتاجية قائمة على القيمة المضافة والمعرفة.