في وقت يعاني فيه السوق العقاري المصري من تباطؤ واضح وتراجع في الطلب، فاجأت شركات الأسمنت الجميع بإعلان زيادات جديدة في أسعار الطن، وصلت إلى أكثر من 110% على أساس سنوي، لتضع المستهلكين والمستثمرين أمام تحديات مضاعفة.
ويأتي هذا الارتفاع الحاد رغم استقرار تكلفة الإنتاج نسبيًا وعدم وجود تغيرات جوهرية في أسعار مدخلات الصناعة.

ارتفاع غير مبرر في أسعار الأسمنت
أكد محمود مخيمر، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة الإسكندرية التجارية، أن الزيادة الأخيرة في الأسعار غير مبررة على الإطلاق، مرجعًا ذلك إلى رغبة المصانع في تعظيم أرباحها، خاصة في ظل استمرار العمل بقرار خفض الطاقة الإنتاجية الذي يسمح للمصانع بالعمل بنصف طاقتها تقريبًا.
تصدير أرخص من السوق المحلي
أوضح مخيمر أن أغلب الإنتاج الحالي يوجه للتصدير بأسعار تقل كثيرًا عن أسعار السوق المحلي، إذ يُباع طن الأسمنت المصدر بحوالي 50 دولارًا (نحو 2495 جنيهًا)، بينما يدفع المستهلك المحلي ما بين 4200 و4400 جنيه للطن، مما يكشف عن فجوة سعرية غير مبررة تعكس اختلالات واضحة في آليات التسعير بالسوق.
أسعار الأسمنت تتجاوز 4000 جنيه للطن
أعلنت الشركات المصنعة عن زيادات تتراوح بين 50 و300 جنيه للطن مؤخرًا، ليرتفع سعر الطن في أرض المصنع إلى ما بين 3800 و3950 جنيهًا، مقارنة بـ1950 جنيهًا فقط في مايو 2024، وبـ3400 جنيه في أبريل الماضي.
وبذلك يصل سعر البيع للمستهلك إلى مستويات تتراوح بين 4200 و4400 جنيه، وسط حالة من الغضب لدى المستهلكين والمطورين العقاريين.
الزيادة لا ترتبط بتكاليف التشغيل
أشارت المصادر إلى أن هذه الزيادات لا ترتبط بارتفاع تكاليف الإنتاج أو الوقود وأضافت أن تأثير تعديل أسعار الوقود الأخير على مصانع الأسمنت محدود، حيث تعتمد تلك المصانع على وقود بديل وتتحمل تكاليف نقل لا تستدعي مثل هذه القفزات السعرية.
صادرات الأسمنت تحقق قفزة قياسية
رغم الأزمة في السوق المحلي، شهدت صادرات الأسمنت نموًا لافتًا خلال الربع الأول من عام 2025، حيث ارتفعت بنسبة 125% لتسجل 107 ملايين دولار، مما يشير إلى توجيه جزء كبير من الإنتاج للأسواق الخارجية بأسعار أقل من السوق المحلي.
تعليق قرار خفض الطاقة الإنتاجية
أكدت مصادر أن جهاز حماية المنافسة قرر تعليق قرار خفض الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت خلال شهري مايو ويونيو، بهدف تقييم الوضع وزيادة المعروض.
ورحب التجار بهذه الخطوة، مؤكدين أنها ضرورية لضبط السوق وخفض الأسعار إلى مستويات عادلة، خاصة وأن أغلب مدخلات الصناعة محلية ولا تتأثر بسعر الصرف أو تكاليف الاستيراد.
تشوهات سعرية بين السوق المحلي والخارجي
لفت أحد تجار الأسمنت، إلى أن أسعار الأسمنت في بعض الدول المجاورة أقل بكثير من مصر، مشيرًا إلى أن سعر الطن في السعودية يبدأ من 200 ريال (نحو 2661 جنيهًا)، في حين أن سعره في السوق المصري يفوق 4000 جنيه، وهو ما يعكس وجود خلل في السوق يستوجب التدخل.