للمرة الثانية على التوالي خلال عام 2025، قرر البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي لعدة أسباب مترابطة، تعكس توجهه نحو دعم النمو الاقتصادي، مع الحفاظ على التوازن بين التضخم والاستقرار النقدي.
وقرر المركزي، في بيان اليوم الخميس، خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس إلى 24% و25% و24.5%، على الترتيب.
كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 24.50%،ويأتي هذا القرار انعكاسا لآخر التطورات والتوقعات الاقتصادية منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق.
وأضاف المركزي في بيانه أنه على الصعيد العالمي، تراجعت توقعات النمو منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية في أبريل، وهو ما يُعزَى بالأساس إلى التطورات المتلاحقة في سياسات التجارة العالمية واحتمالية حدوث مزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد. ومن ثم، لجأ العديد من البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة إلى اتباع نهج أكثر حذرا في إدارة سياساتها النقدية وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم.
ونستعرض في التقرير التالي أهم أسباب قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة إليك أبرز دوافع هذا القرار:
1. دعم النشاط الاقتصادي والاستثمار
خفض الفائدة يُقلّل من تكلفة الاقتراض، ما يشجع الشركات والأفراد على الحصول على تمويلات جديدة، وبالتالي تحفيز الاستثمار والنشاط الإنتاجي، خصوصًا في ظل تباطؤ اقتصادي نسبي وركود في بعض القطاعات.
2. تراجع معدلات التضخم نسبيًا مقارنة بذروتها
رغم ارتفاع التضخم في أبريل/نيسان إلى 13.9%، إلا أنه لا يزال أقل بكثير من المستويات القياسية التي سجلها في 2023 (أكثر من 39%). هذا التراجع النسبي منح البنك المركزي هامشًا للبدء في التيسير النقدي دون المخاطرة بعودة التضخم القوي في المدى القصير.
3. الحفاظ على الفائدة الحقيقية في النطاق الإيجابي
حتى بعد خفض الفائدة، تظل الفائدة “الحقيقية” (أي الفائدة الاسمية مطروحًا منها التضخم) في المنطقة الإيجابية، وهو ما يُعتبر مطمئنًا للمستثمرين والمودعين، ويمنح صناع القرار مرونة إضافية في التحرك دون المساس بجاذبية الجنيه المصري.
4. إشارات مبكرة لتعافي الاستقرار المالي والنقدي
التحسن النسبي في موارد النقد الأجنبي، وزيادة تدفقات الاستثمار، وتحسن أداء الجنيه أمام الدولار مؤخرًا، كلها عوامل شجعت البنك المركزي على تبني سياسة نقدية أقل تشددًا.
5. تنفيذ خطة خفض تدريجي للفائدة حتى نهاية 2025
مؤسسات دولية مثل “جولدمان ساكس” توقعت أن يتجه المركزي لخفض تدريجي للفائدة وصولًا إلى 13% بنهاية 2025، وقرار اليوم يأتي ضمن هذا المسار المستهدف، لإعادة التوازن بين النمو والتضخم على المدى المتوسط.
6. امتصاص أثر رفع أسعار الوقود على المدى القصير
رغم أن رفع أسعار البنزين والسولار في أبريل يمثل ضغطًا تضخميًا، فإن المركزي يبدو أنه قرر احتواء أثره من خلال أدوات أخرى (كضبط السيولة)، مع الاستمرار في خفض الفائدة لتحفيز الاقتصاد.
يذكر أن البنك المركزي المصري يسعى من خلال خفض الفائدة إلى تحفيز النمو، ودعم الاستثمارات، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، مع مراقبة دقيقة لتطورات التضخم وسعر الصرف لضمان ألا تؤدي هذه السياسة إلى نتائج عكسية.