خفّض البنك الدولي توقعاته لنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الجاري بمقدار 0.7 نقطة مئوية إلى 2.7%، وذلك مقارنةً بتوقعاته السابقة في يناير الماضي.
وقلّص البنك أيضاً، في تقريره “الآفاق الاقتصادية العالمية– يونيو 2025” الصادر اليوم والذي شمل أحدث المستجدات الاقتصادية العالمية والإقليمية، توقعات النمو للمنطقة خلال العام المقبل بمقدار 0.4 نقطة مئوية إلى 3.7%.
آفاق نمو اقتصاد السعودية
تراجع توقعات نمو الشرق الأوسط
يأتي تراجع توقعات نمو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الحالي مدفوعاً بشكلٍ أساسي بتراجع توقعات نمو الاقتصاد الأكبر بالمنطقة السعودية، ومن ثم العراق بمقدار 2.3 نقطة مئوية. في حين رفع البنك تقديراته لنمو اقتصاد مصر 0.3 نقطة مئوية، مقارنةً بتقرير يناير، مدفوعاً بزيادة الاستثمارات الأجنبية والإصلاحات المالية، ليسجل 3.8% هذا العام.
يتوقع البنك الدولي تحقيق الاقتصاد السعودي نمواً بمعدل 2.8% في 2025، مخفضاً بذلك توقعاته عن يناير بواقع 0.6 نقطة مئوية، ليعود ويرتفع بالعامين المقبلين بمعدل 4.5% و4.6% على التوالي.
ومع تنويه التقرير بالانعكاسات الإيجابية المرتقبة للتوسع التدريجي في إنتاج النفط على آفاق نمو اقتصاد المملكة، عبر إعادة التخفيضات الطوعية من قِبل كبار منتجي الخام في تحالف “أوبك+” إلى السوق، فإنه أشار إلى أن خفض توقعات النمو للعامين الحالي والمقبل يعود بشكلٍ أساسي إلى التوقعات بانخفاض أسعار النفط، وبالتالي تقلص عائدات الصادرات، بما يؤدي لتراجع إيرادات الخزانة المالية. فضلاً عن تزايد حالة عدم اليقين الدولية والإقليمية التي تؤثر في الاستثمارات.
كان البنك في آخر تقرير خاص عن المنطقة، والذي صدر مطلع ديسمبر الماضي، خفض توقعاته لنمو اقتصادات دول الخليج العربي تحديداً في 2024 إلى 1.6%، لكنه أشار إلى أن المنطقة أظهرت “مرونة ملحوظة في مواجهة الاضطرابات العالمية، وتحركت بثبات في أجندة التنوع الاقتصادي الخاصة بها”.
تحذير من تباطؤ الاقتصاد العالمي
على صعيد الاقتصاد العالمي، خفّض البنك توقعاته للنمو هذا العام إلى 2.3% مقارنةً مع 2.7% في تقرير يناير. ويعود ذلك إلى خفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي من 2.3% إلى 1.4%.
وحذّر البنك الدولي في تقريره من أن الاقتصاد العالمي يواجه تباطؤاً حاداً، مع التقديرات بتسجيله أضعف أداء منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 -باستثناء فترة الركود االناجمة عن جائحة كورونا- مرجِعاً هذا التباطؤ إلى تصاعد الحواجز التجارية، وتزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي، وتراجع الاستثمار العالمي.
موقف صندوق النقد من الاقتصاد المصري
ورحب «النقد الدولي» بالجهود التي بذلتها السلطات المصرية لتحديث وتبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية، لوضع استراتيجية متوسطة الأجل لإدارة الدين.
وتابع الصندوق: «فريق من موظفي الصندوق أجرى مناقشات مثمرة مع السلطات المصرية بشأن السياسات الاقتصادية والمالية»، بحسب ما أوردته قناة «إكسترا نيوز» في نبأ عاجل.
وأعلن صندوق النقد الدولي أن فريقا بقيادة فلادكوفا هولار، عقد مناقشات مثمرة مع السلطات المصرية حول السياسات الاقتصادية والمالية التي قد تدعم استكمال المراجعة الخامسة بموجب اتفاقية تسهيل الصندوق الممدد (EFF).
وذكر بيان صادر عن الصندوق أن السلطات المصرية وفريق صندوق النقد الدولي أجريا مناقشات بناءة، ساهمت في دفع العمل الفني ومناقشات السياسات قدمًا في إطار المراجعة الخامسة بموجب تسهيل الصندوق الممدد.
وأشار بيان صندوق النقد الدولي إلى أن مصر أحرزت تقدمًا ملموسًا نحو استقرار الاقتصاد الكلي، ومن المتوقع أن يستمر النمو في التحسن، لافتا إلى أنه رفع توقعاته للسنة المالية 2024/2025 إلى 3.8%، في ضوء النتائج التي فاقت التوقعات في النصف الأول من العام.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصة الاستثمار الخاص من إجمالي الاستثمار من 38.5% في النصف الأول من السنة المالية 2023/2024 إلى ما يقرب من 60% خلال الفترة نفسها من السنة المالية 2024/2025.
ارتفاع التضخم
واستكمل: “ارتفع التضخم في مصر بشكل طفيف إلى 13.9% في أبريل، لكنه لا يزال في اتجاه تنازلي، ولا يزال الحساب الجاري واسعًا، حيث عوض ارتفاع الواردات، وانخفاض إنتاج الهيدروكربونات، وانقطاعات قناة السويس، قوة السياحة والتحويلات المالية والصادرات غير النفطية”.
وأكد الصندوق أنه يُساعد تعزيز الحصافة المالية – بما في ذلك من خلال تحسين الرقابة والضبط على مشاريع البنية التحتية الكبيرة في القطاع العام – على احتواء ضغوط الطلب، مع بقاء إجمالي الإنفاق الاستثماري العام دون السقف المُحدد للفترة يوليو – ديسمبر 2024.
الإجراءات الضريبية
ورحّب صندوق النقد الدولي بالجهود التي بذلتها السلطات مؤخرًا لتحديث وتبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية لزيادة الكفاءة وبناء الثقة، مؤكدا أن هذه الإصلاحات بدأت تُحقق نتائج إيجابية.
وتابع: “إلى جانب هذه الجهود، ينبغي مواصلة تعبئة الإيرادات المحلية، لا سيما من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتبسيط الإعفاءات الضريبية، لدعم قدرة الحكومة على الإنفاق الكافي على الاحتياجات التنموية والاجتماعية ذات الأولوية”.
خفض تكلفة الدين
كما رحّب بجهود السلطات لوضع استراتيجية متوسطة الأجل لإدارة الدين تهدف إلى تحسين الشفافية وخفض تكلفة خدمة الدين الكبيرة في الموازنة تدريجيًا.
وشدد صندوق النقد، على أنه مع استقرار الاقتصاد الكلي الحالي، من الضروري أن تُجري مصر إصلاحات أعمق لإطلاق العنان لإمكانات النمو في البلاد، وخلق وظائف عالية الجودة لأعداد متزايدة من السكان، والحدّ بشكل مستدام من مواطن الضعف، وزيادة قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات.
ونوه بأنه لكي تتحقق هذه الأهداف، ينبغي تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم، وتوفير فرص متكافئة لجميع الأطراف الاقتصادية، من الأولويات الرئيسية للسياسات.
وأكد الصندوق أنه سيلعب تطبيق سياسة ملكية الدولة وبرنامج تخارج الاستثمارات في القطاعات التي التزمت الدولة بتقليص تواجدها فيها دورًا حاسمًا في تعزيز قدرة القطاع الخاص على المساهمة بشكل أفضل في النمو الاقتصادي في مصر، مشددا أنه لا بد من مواصلة الجهود لتحسين بيئة الأعمال.