خفض بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس توقعاته لاحتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود خلال الـ12 شهراً المقبلة من 35% إلى 30%، مستندًا إلى تراجع حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك بعد تأكيد التوصل إلى اتفاق تجاري بين واشنطن وبكين.
وقال البنك في مذكرة حديثة، اليوم الخميس: “لقد عادت الظروف المالية العامة الآن إلى مستويات ما قبل فرض الرسوم الجمركية تقريبًا، كما أن مؤشرات الغموض المرتبطة بالسياسات التجارية شهدت بعض الانحسار بعد خطوات خفض التوتر بين الولايات المتحدة والصين”.
الناتج المحلي الإجمالي
ورفع جولدمان ساكس أيضا تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في عام 2025 إلى 1.25% على أساس ربع سنوي، مقارنة بالتوقع السابق البالغ 1%. ويعكس هذا التحسن زيادة الثقة في استقرار الاقتصاد الأمريكي خلال المرحلة المقبلة.
وجاءت هذه التعديلات بعد أن أعلن مفاوضون من الجانبين الأمريكي والصيني عن اتفاق إطار عمل يتضمن تعديلات على الرسوم الجمركية، إضافة إلى إزالة القيود الصينية على تصدير المعادن الأرضية النادرة، ومنح الطلاب الصينيين تسهيلات للالتحاق بالجامعات الأميركية.
وأزال هذا الاتفاق جانبًا كبيرًا من المخاوف التي أثارتها سياسات ترماب الجمركية، والتي كانت قد هزّت الأسواق العالمية في “يوم التحرير” مطلع أبريل الماضي.
أسعار المستهلك
ورغم هذه التطورات الإيجابية، أشار “جولدمان ساكس” إلى أن بيانات التضخم الأمريكية الأخيرة أظهرت ارتفاعًا أقل من المتوقع في أسعار المستهلك خلال مايو، لكنه حذر من احتمال ارتفاع التضخم خلال الأشهر المقبلة مع دخول رسوم جمركية جديدة على بعض الواردات حيز التنفيذ.
في وقت تلوح فيه مخاطر تضخمية جديدة بفعل السياسات الحمائية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا سيما مع اقتراب الموعد النهائي لتعليق الرسوم الجمركية في 9 يوليو المقبل دون تحقيق اختراق في المفاوضات التجارية مع الصين، التي تعقد حاليًا في لندن.
ورفعت الإدارة الأمريكية الرسوم على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%، ما أدى إلى ارتفاع توقعات المستهلكين بزيادة الأسعار بشكل حاد خلال السنوات المقبلة، وفق محللين.
معضلة السياسة النقدية
وتزداد تعقيدات المشهد أمام الفيدرالي الأمريكي في ظل استمرار مخاوف الدين العام وارتفاع وتيرة إصدارات السندات، بالتزامن مع إقرار مجلس النواب لمشروع قانون خفض الضرائب، ما يزيد الضغط على صناع القرار النقدي.
وفي هذا السياق، حذر كبير الاقتصاديين في بنك بي إن بي باريبا، جيمس إيجلهوف، من أن “الرسوم الجمركية المرتفعة ستواصل تغذية التضخم حتى عام 2026″، ما يحد من مرونة الفيدرالي في التحرك بحرية.
التضخم فوق المستهدف
رغم استقرار بيانات سوق العمل في آخر تقرير أسبوعي، التي تخفف مؤقتًا من الضغوط لخفض أسعار الفائدة، فقد أشار جوناثان بينجل من بنك يو بي إس، إلى أن “اللجنة تواجه حالة من عدم اليقين المتزايدة”.
وأظهر الاستطلاع أن 42% من الخبراء يتوقعون تأجيل أي خفض لأسعار الفائدة حتى ما بعد الربع الأخير من 2025، وسط قناعة بأن معدل التضخم قد يظل فوق 2% حتى عام 2027.
استطلاع للرأي
وبحسب استطلاع أجرته وكالة “رويترز” شمل 105 من كبار الاقتصاديين، في ظل تصاعد المخاوف من تأثير سياسات الرسوم الجمركية على التضخم.
وأظهر الاستطلاع أن 103 من أصل 105 خبراء اقتصاديين توقعوا بقاء سعر الفائدة ضمن النطاق الحالي بين 4.25% و4.50% خلال اجتماع يونيو المقبل، وهو المستوى المستقر منذ يناير 2025، بينما رأى 59 خبيرًا أن خفض الفائدة قد لا يبدأ قبل سبتمبر.
أصبحت أسعار الفائدة الأمريكية في مرمى العلاقة المتوترة بين الرئيس دونالد ترمب ورئيس الفيدرالي، بينما أكد الرئيس الأمريكي أنه لا يخطط لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، رغم انتقاداته المستمرة له بسبب وتيرة خفض أسعار الفائدة.