شهدت الساحة الدولية تصعيدًا جديدًا في منطقة الشرق الأوسط بعد استهداف حقل بارس الجنوبي الإيراني، أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم، في هجوم إسرائيلي أثار مخاوف واسعة بشأن استقرار أسواق الطاقة العالمية.
ارتفاع أسعار النفط بعد اندلاع الصراع الإيراني الإسرائيلي
وارتفعت أسعار النفط بشكل كبير بعد اندلاع الصراع الإيراني الإسرائيلي، خصوصا بسبب الموقع الاستراتيجي الحاسم لإيران ضمن خريطة الطاقة العالمية، كونها تملك رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، بالإضافة إلى كونها تتحكم في مضيق هرمز الذي يعد نقطة مرور رئيسية لشحنات النفط والطاقة في المنطقة.
ويشكل كل تصعيد في هذه المنطقة تهديدًا حقيقيًا لإمدادات الطاقة، خصوصًا أن نحو 20% من النفط العالمي يُنقل عبر مضيق هرمز، حسب تحليلات معهد “بروكنجز”.
ويمتد مضيق هرمز بين الخليج العربي والمحيط الهندي، محاطًا من الشمال بإيران ومن الجنوب بالإمارات وسلطنة عمان، حيث طوله حوالي 161 كيلومترًا، وعرضه لا يتجاوز 33 كيلومترًا في أضيق النقاط، مع ممرات ملاحية ضيقة في كل اتجاه بعرض حوالي ميلين فقط.
ويمر عبره يوميًا أكثر من 17 مليون برميل نفط، إلى جانب شحنات الغاز المسال القادمة من قطر وإيران. ففي الربع الأول من 2024، عبر المضيق حوالي 15.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات المصدر من السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران، وفقًا لبيانات “بلومبرغ”.
تأثير الصراع الإيراني الإسرائيلي على النفط
بعد الغارات الإسرائيلية الأولى، شهدت أسعار النفط ارتفاعًا بنسبة تصل إلى 13% قبل أن تتراجع المكاسب إلى 8% عند إغلاق تعاملات الجمعة، بعد أن تبين أن المنشآت النفطية لم تتعرض لأضرار مباشرة.
ويتداول خام برنت حاليًا عند حوالي 74 دولارًا للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ عدة أشهر. هذه القفزة في الأسعار لا تعكس توقفًا فعليًا في الإنتاج، بل هي رد فعل سريع للسوق على حالة القلق والذعر، حيث يسعى المستثمرون إلى تأمين مصادر إمداداتهم المستقبلية، مما يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في الأسعار.
على الصعيد العالمي، شهدت أسعار الغاز الطبيعي رد فعل سريع أيضاً بعد الضربات، حيث ارتفعت في أوروبا بنسبة 3.23% إلى 37.34 يورو لكل ميغاواط في الساعة، وسط مخاوف من اندلاع حرب أوسع في منطقة الشرق الأوسط المحورية لإمدادات الطاقة العالمية. كما قفزت العقود الآجلة القياسية في القارة بنسبة 5.7%، مسجلة أكبر ارتفاع منذ أكثر من خمسة أسابيع.
كيف تأثرت مصر بأزمة إيران وإسرائيل
وإقليمياً، أمرت إسرائيل بإغلاق مؤقت في حقل “ليفياثان”، أكبر حقول الغاز لديها، بعد الضربة لإيران وما تلاها من مخاوف أمنية متزايدة.
قد يؤثر ذلك الإغلاق مباشرة على إمدادات الغاز المصدّرة إلى مصر، التي تعتمد بشكل متزايد على الغاز الإسرائيلي في الصيف لتوليد الكهرباء. ومع انخفاض الإمدادات، قد تضطر القاهرة إلى تسريع وتيرة استيراد الغاز المسال من السوق العالمية، ما يشكل ضغطاً على الميزانية وعلى الأسعار العالمية في الوقت نفسه.
وأبلغت الشركات الموردة للغاز الإسرائيلي القاهرة، بتقليل عمليات ضخ الغاز بسبب إغلاق حقل “ليفياثان” البحري للغاز في إسرائيل، بحسب مسؤول حكومي مصري لـ”الشرق”. وتستورد مصر بشكل أساسي الغاز الطبيعي من تل أبيب منذ عام 2020، إذ تُقدَّر الكمية بنحو 800 مليون قدم مكعب يومياً.
وفي ضوء الأزمة، أعلنت وزارتي الكهرباء والبترول في مصر حالة “الاستنفار والطوارئ” لمواجهة أي نقص في إمدادات الغاز، مع مراجعة سيناريوهات متعددة لتأمين الوقود لمحطات الكهرباء في فصل الصيف.