شهدت أسواق المال في مصر وعدد من الدول العربية تراجعات حادة خلال تعاملات أمس، على وقع التصعيد المتسارع في الشرق الأوسط، ما دفع العديد من المستثمرين، لاسيما الأفراد، إلى تنفيذ موجة بيعية واسعة، انعكست بوضوح على المؤشرات العامة للبورصات.

في مصر، افتتح مؤشر البورصة الرئيسي EGX30 تعاملات الجلسة على انخفاض حاد تجاوز 7.5%، في أكبر تراجع يومي يشهده المؤشر منذ عام 2020، ويُعزى هذا الانخفاض العنيف إلى حالة من الهلع بين المستثمرين الأفراد الذين هرعوا إلى بيع الأسهم تجنبًا لمزيد من الخسائر، مما ساهم في تسريع وتيرة الهبوط. وعلى الرغم من ذلك، تمكن السوق من تقليص جزء من خسائره بحلول الإغلاق، لينهي الجلسة منخفضًا بنسبة 4.6% عند مستوى 31,060 نقطة.
وبحسب بيانات السوق، فقدت الأسهم المصرية نحو 148 مليار جنيه من قيمتها السوقية خلال دقائق التداول الأولى، لتستقر القيمة الإجمالية للسوق عند نحو 2.154 تريليون جنيه، كما تم إيقاف التداول على أسهم 47 شركة بعد أن سجلت تراجعات فاقت النسب المسموح بها والبالغة 5% و10% في الجلسة الواحدة.
من جانبه، أكد الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، أن هذا التراجع الحاد في السوق المصرية جاء انعكاسًا منطقيًا للتوترات السياسية الإقليمية، وهو ما ظهر جليًا أيضًا في باقي أسواق المنطقة، مشيرًا إلى أن الانخفاض لم يقتصر على البورصة المصرية، بل طال كذلك أسواقًا رئيسية في الخليج.
وفي الخليج، سجلت بورصة الكويت تراجعات حادة وسط ضغوط بيعية جماعية، فيما تكبد مؤشر السوق السعودي «تاسي» خسائر قوية مطلع الجلسة بلغت نحو 3%، قبل أن يتمكن من تقليصها عند الإغلاق إلى 0.63% فقط ليستقر عند 10,773.01 نقطة.
أما بورصة قطر، فقد انخفض مؤشرها العام بنسبة 2.9% ليصل إلى مستوى 10,316 نقطة، بينما تراجعت بورصة الأردن بنسبة 1.76% إلى 2,629 نقطة، ولم تكن البحرين بمنأى عن هذه الموجة البيعية، حيث سجل مؤشرها انخفاضًا بنسبة 0.74% ليستقر عند 1,903 نقاط.
وتعليقًا على الوضع، أوضح هاني جنينة، رئيس وحدة البحوث بشركة “الأهلي فاروس”، أن الهلع الكبير الذي سيطر على المستثمرين الأفراد كان المحرك الأساسي لموجة البيع، لكنه توقع أن تشهد السوق ارتدادًا خلال الأيام المقبلة، مدفوعًا بجاذبية الأسعار الحالية التي باتت تمثل فرصًا مغرية للشراء على المدى القصير والمتوسط.
وأشار جنينة إلى أن المتابع لحركة السيولة خلال الأيام القادمة ينبغي أن يراقب ما إذا كانت الأموال ستميل إلى الخروج النهائي من الأسهم أم أنها ستتحول إلى أدوات دين آمنة ومرتفعة العائد، في ظل حالة القلق السائدة بالأسواق.
في المجمل، يعكس المشهد الحالي هشاشة الأسواق في مواجهة الأزمات الجيوسياسية، بينما يبقى الأمل معقودًا على استقرار الأوضاع الإقليمية وتدخلات مؤسسية محتملة قد تعيد الثقة تدريجيًا إلى المستثمرين.