شهدت أسعار النفط تقلبات مع استمرار حالة الترقب في الأسواق لما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيُقحم الولايات المتحدة في الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران.
تراجعت أسعار النفط، اليوم الخميس، مع عزوف المستثمرين عن فتح مراكز جديدة، في ظل مؤشرات متضاربة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن احتمال تدخل الولايات المتحدة في النزاع بين إسرائيل وإيران، إلى جانب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
خام برنت بالقرب من 77 دولار للبرميل
جرى تداول خام برنت بالقرب من 77 دولاراً للبرميل بعد ارتفاع طفيف يوم الأربعاء. ولا تزال الأسعار أعلى بكثير مما كانت عليه قبل اندلاع الهجمات، وسط ارتفاع في تقلبات السوق، وزيادة في التوجهات الصعودية لعقود الخيارات، وارتفاع كبير في علاوات أسعار النفط القريبة مقارنة بالعقود الآجلة الأطول أجلاً.
انخفضت عقود خام برنت الآجلة، بمقدار 20 سنتًا أو بنسبة 0.26% إلى 76.50 دولارًا للبرميل، بعدما سجلت مكاسب محدودة في الجلسة السابقة بنسبة 0.3%.
كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، بمقدار 4 سنتات أو 0.05%، ليصل إلى 75.10 دولار للبرميل، بعد أن أغلق مرتفعًا بنسبة 0.4% في الجلسة السابقة.
مخاوف من تصعيد عسكري أمريكي
أوضح محلل الأسواق في IG، توني سيكامور، أن هناك علاوة مخاطر جيوسياسية لا تزال مدمجة في الأسعار، حيث يترقب المتداولون الخطوة التالية في الصراع، سواء كانت ضربة أمريكية أو بدء محادثات سلام.
وقدّر بنك “جولدمان ساكس”، أن علاوة المخاطر الجيوسياسية تبلغ نحو 10 دولارات للبرميل، في ضوء تراجع المعروض الإيراني والمخاوف من اتساع رقعة الصراع، ما قد يدفع أسعار برنت لتتجاوز حاجز الـ90 دولارًا.
وصرح ترامب أمس، أنه “قد يقرر أو لا يقرر” ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في هجماتها على إيران. في حين يمتد النزاع المسلح حاليًا لليوم السابع على التوالي.
وحذّر محللون، من أن أي تدخل مباشر للولايات المتحدة سيؤدي إلى توسع النزاع وزيادة خطر استهداف البنية التحتية النفطية في المنطقة، خاصة في ظل مرور حوالي 19 مليون برميل من النفط يوميًا عبر مضيق هرمز الحيوي، ما يجعله مركزًا حساسًا للتجارة العالمية.
وقالت كبيرة محللي الأسواق في “فيليپ نوفا”، بريانكا ساشديفا، إن عدم وضوح السياسة الخارجية لترامب يدفع الأسواق للبقاء في حالة ترقب، بانتظار إشارات أوضح قد تؤثر في إمدادات النفط العالمية واستقرار المنطقة.
إيران، ثالث أكبر منتج في منظمة “أوبك”، تنتج حوالي 3.3 مليون برميل يوميًا، ما يجعل أي اضطراب في إنتاجها أو صادراتها عاملًا رئيسيًا في تقلبات السوق.
قرار الفيدرالي الأمريكي
من ناحية أخرى، ثبّت مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه أشار إلى احتمال خفضها مرتين قبل نهاية العام الجاري.
وأكد رئيس المجلس، جيروم باول، أن هذه الخطوات ستعتمد على البيانات الاقتصادية، خاصة في ظل توقعات بارتفاع التضخم نتيجة الرسوم الجمركية التي يعتزم ترامب فرضها على الواردات.
ويدعم خفض الفائدة النمو الاقتصادي ويعزز الطلب على النفط، لكنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى تفاقم التضخم، ما يضع صانعو السياسات أمام تحدٍ مزدوج بين تحفيز الاقتصاد وكبح الأسعار.
توجيه ضربة لإيران
وبحسب أشخاص مطلعون، فإن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى يستعدون لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال الأيام المقبلة، إلا أن الوضع لا يزال متغيراً وقد يشهد تطورات جديدة.
واجتمع ترمب مع كبار مستشاريه يوم الأربعاء، لكن البيت الأبيض لم يقدم أي مؤشرات واضحة بشأن الخطوات المقبلة.
وعقد ترمب اجتماعاً الأربعاء مع كبار مستشاريه، لكن البيت الأبيض لم يُفصح عن الكثير بشأن ما إذا كان قد قرر إدخال أميركا في الهجوم الهادف إلى تدمير البرنامج النووي الإيراني. من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني إن بلاده، وهي عضو في منظمة “الدول المصدرة للنفط” (أوبك)، لا تزال ملتزمة بالمسار الدبلوماسي.
ورداً على سؤال خلال اليوم نفسه عمّا إذا كان يقترب من قصف إيران، قال ترمب: “قد أفعل، وقد لا أفعل”. وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد ذكرت، أن الرئيس وافق في وقت سابق من الأسبوع على خطة للهجوم العسكري، لكنه امتنع عن إعطاء الإذن النهائي، بينما كان يُقيّم ما إذا كانت طهران ستلبي مطالبه.
السوق قلقة من إغلاق “مضيق هرمز”
يتمثل أكبر مصدر قلق لأسواق النفط في “مضيق هرمز”، لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن إيران تسعى إلى تعطيل حركة الشحن في هذا الممر البحري الضيق عند مدخل الخليج العربي. إذ يمر عبر المضيق حوالي خُمس إنتاج النفط العالمي.
وقال مايك سومرز، رئيس “معهد البترول الأميركي”، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”: “لا نرى أن هذا السيناريو مرجّح في الوقت الحالي، لكن نظراً للوضع المضطرب الذي تعيشه إيران حالياً، أعتقد أن على الجميع مراقبة مضيق هرمز عن كثب”.
وتوقّع محللو بنك “غولدمان ساكس”، بمن فيهم دان سترويڤن، وجود علاوة مخاطر جيوسياسية تُقدّر بنحو 10 دولارات للبرميل في أسعار خام “برنت” بسبب الصراع. إلا أن البنك قال إن السيناريو الأساسي بالنسبة له هو انخفاض سعر النفط إلى 60 دولاراً في الربع الرابع من العام، بافتراض عدم حدوث أي تعطّل في الإمدادات.
وقال جاو جيان، محلل في شركة “كيشنغ فيوتشرز” بمقاطعة شاندونغ: “الوضع الجيوسياسي لا يزال شديد التوتر، من دون أي مؤشرات على التهدئة. السوق تنتقل تدريجياً إلى مرحلة تثبيت الأسعار عند مستويات مرتفعة، بانتظار مزيد من التطورات في الشرق الأوسط”.
في غضون ذلك، تراجعت مخزونات النفط الخام الأميركية بمقدار 11.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، وهو أكبر سحب للمخزون خلال نحو عام. كما انخفضت المخزونات في مركز التخزين بمدينة كوشينغ في ولاية أوكلاهوما، في حين ارتفعت إمدادات البنزين.