في وقتٍ تتصاعد فيه التوترات السياسية والضغوط الاقتصادية، يقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بقيادة جيروم باول أمام اختبار جديد في الحفاظ على استقلالية السياسة النقدية للولايات المتحدة. وبينما يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملته المطالِبة بخفض أسعار الفائدة بشكل فوري، يشدد باول على ضرورة التريث والحذر، في ظل تداعيات اقتصادية غير واضحة بسبب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب فيما يعرف بـ”يوم التحرير”. وتُظهر الانقسامات داخل صفوف الفيدرالي أن مسار أسعار الفائدة بات مرتبطًا أكثر من أي وقت مضى بالتطورات التجارية والجيوسياسية، فضلًا عن المؤشرات الاقتصادية القادمة في يوليو.
الفيدرالي يتمسك بالحذر
أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن البنك المركزي الأمريكي سيتبع نهجًا حذرًا تجاه خفض أسعار الفائدة، مؤكدًا أن السياسة النقدية ستظل مركّزة على ضبط التضخم. وأضاف باول خلال شهادته أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب:
“نحن لا نعلّق على السياسة التجارية، لكن عندما تكون هناك آثار تضخمية ناتجة عنها، فإننا نأخذها في الاعتبار”.
ويأتي هذا الموقف في ضوء الغموض الناتج عن فرض رسوم جمركية جديدة من قبل إدارة ترامب، مما يعقّد مهمة الفيدرالي في التنبؤ بتأثير هذه القرارات على الاقتصاد الكلي وسلوك المستهلكين.
ترامب يصعد الهجوم ويطالب بخفض الفائدة 3 نقاط
من جانبه، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومًا مباشرًا إلى باول، مطالبًا بخفض الفائدة بين 2 إلى 3 نقاط مئوية، عبر منشورات لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها محاولة للضغط السياسي على الفيدرالي وتقويض استقلاليته. إلا أن باول رفض الانصياع لهذا الضغط، مؤكّدًا أن البنك بحاجة إلى “مزيد من البيانات لفهم التأثير الكامل للرسوم الجمركية قبل اتخاذ أي قرار”.
انقسام داخل الفيدرالي.. ولا تغيير قبل سبتمبر
ووفقًا لتقرير صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن مسؤولي الفيدرالي منقسمون بخصوص الخطوة المقبلة؛
- 10 أعضاء يتوقعون خفضين للفائدة خلال 2025.
- 7 أعضاء لا يرون حاجة لأي خفض.
- عضوان فقط يتوقعان خفضًا واحدًا.
تطورات الشرق الأوسط والتأثير الاقتصادي المحتمل
في سياق متصل، أوضح باول أن الأحداث الجيوسياسية، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط، ما زالت قيد المراقبة، مؤكدًا أن الوقت لا يزال مبكرًا لتقييم أثرها على الاقتصاد العالمي أو الأمريكي. وهو ما يعزز توجه الفيدرالي للإبقاء على الفائدة دون تغيير حتى سبتمبر على الأقل، في انتظار صدور بيانات التضخم والبطالة لشهر يوليو المقبل.