أعلنت إدارة البيت الأبيض، اليوم الجمعة 27 يونيو 2025، عن التوصل إلى اتفاق جديد يهدف إلى تسريع شحنات المعادن الأرضية النادرة من الصين إلى أمريكا، في خطوة استراتيجية تعد جزءًا من جهود أوسع لإنهاء النزاع التجاري الممتد بين أكبر اقتصادين في العالم.
ويأتي هذا الاتفاق كامتداد لسلسلة من التفاهمات التي بدأت منذ مطلع الشهر الجاري، عندما تم التوصل إلى هدنة تجارية مؤقتة بين الجانبين في العاصمة البريطانية لندن، تبعتها اتفاقات أخرى بشأن تقليل الرسوم الجمركية وتسهيل الوصول إلى الموارد الاستراتيجية.
وينظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة أمريكية لتأمين سلاسل التوريد الحيوية، خاصة في ظل التوترات العالمية المتزايدة، والحاجة المتنامية للمعادن النادرة المستخدمة في صناعات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة المتجددة.
تفاصيل الاتفاق الجديد
أكد مسؤول أمريكي لوكالة “رويترز” أن الاتفاق الجديد يأتي ضمن إطار تفاهمات تجارية شاملة تم التوصل إليها مؤخرًا، دون أن يكشف عن تفاصيل فنية دقيقة.
بينما صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فعالية عامة مساء الخميس أن الاتفاق تم توقيعه يوم الأربعاء الماضي، لكنه امتنع عن ذكر البنود الكاملة.
ويشمل الاتفاق تسريع وتيرة تصدير المغناطيسات والمعادن الأرضية النادرة من الصين إلى الولايات المتحدة، وهي عناصر استراتيجية تُستخدم في تصنيع الأجهزة الإلكترونية، وتكنولوجيا الطاقة المتقدمة، والأنظمة العسكرية.
هدنة تجارية تمهّد الطريق نحو التفاهم
شهد مطلع هذا الشهر توقيع هدنة مؤقتة بين الطرفين في لندن، خلال محادثات وصفتها الولايات المتحدة بأنها “أنهت جميع النقاط العالقة” في الاتفاق الذي كان قد تم التفاوض عليه سابقًا في جنيف.
وأكد وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك أن التفاهمات الجديدة تمثل خطوة “حاسمة نحو بناء شراكة اقتصادية مستقرة ومستدامة”.
الصين تحذر من تصاعد الحمائية وتتمسك بالتعاون المتعدد
وفي السياق ذاته، حذّر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ خلال كلمته في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي في تيانجين، من تصاعد السياسات الحمائية والاحتكاكات الاقتصادية على مستوى العالم، مؤكدًا أن الاقتصاد العالمي “مترابط بشكل لا يسمح لأي دولة بالازدهار بمفردها”.
وأشار لي إلى أن بلاده تعمل على تعزيز الطلب المحلي والتحول إلى قوة استهلاكية عالمية، مع التزامها بالتعاون متعدد الأطراف كخيار استراتيجي لمواجهة التحديات الجذرية في الاقتصاد العالمي، لا سيما تلك الناتجة عن النزاعات التجارية المتكررة.
اتفاقات تجارية متتالية خلال أسبوعين
اللافت أن الاتفاق الجديد يأتي بعد أقل من أسبوعين على إعلان الصين وأمريكا التوصل إلى اتفاق آخر عقب مكالمة هاتفية بين ترامب وشي جين بينغ، تناولت التعاون في مجال المعادن الاستراتيجية أيضًا، مما يعكس رغبة متبادلة في تهدئة التوترات وتطبيع العلاقات التجارية تدريجيًا.
وكانت بنود الاتفاق السابق تتعلق بتوفير الصين لإمدادات من العناصر الأرضية النادرة والمغناطيسات، وهي مواد حيوية لصناعات التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك بطاريات السيارات الكهربائية والطائرات الحربية.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان التزام بلاده بتعهداتها، مشيرًا إلى أن “الوصول إلى توافق لا يكفي، بل يجب احترامه وتنفيذه”.
نحو تحول استراتيجي في العلاقة الاقتصادية
تكشف هذه التحركات المتسارعة عن تحول استراتيجي في العلاقة الاقتصادية بين واشنطن وبكين، خصوصًا في ظل إدراك الطرفين لأهمية التعاون في تأمين سلاسل التوريد العالمية، وتفادي الأزمات الاقتصادية الناتجة عن الحروب التجارية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تكون مقدمة لسلسلة من التفاهمات الأوسع، تشمل قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا، الطاقة، والتجارة الرقمية، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على استقرار الأسواق العالمية في الأشهر المقبلة.