نفى المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية، وجود أي علاقة بين عقارات وسط البلد في القاهرة وقانون الإيجار القديم، مؤكدًا أن البيع والشراء في تلك المنطقة متاح للجميع دون قيود. وأوضح، خلال كلمته بجلسة مجلس النواب اليوم الإثنين، أن الحديث عن مصالح خاصة مرتبطة بعقارات وسط البلد “غير دقيق ولا يستند لأي واقع”، مشددًا على أن التعامل العقاري مفتوح أمام المواطنين.
الحكومة والبرلمان لم يصنعا الأزمة.. لكن واجب عليهما حلها
أكد فوزي أن الحكومة الحالية ومجلس النواب لم يكونا سببًا في الأزمة المعقدة المتعلقة بالإيجار القديم، بل هي مشكلة تراكمت على مدار عقود طويلة بسبب غياب حلول عادلة ومنصفة. وقال: “البرلمان والحكومة لم يصنعا المشكلة، لكنها مسؤولية حالية واجب علينا التصدي لها بشجاعة وعقلانية وعدالة”.
وأوضح الوزير أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت في نوفمبر 2024 حكمًا تاريخيًا بعدم دستورية تثبيت الأجرة في عقود الإيجار القديمة، وهو ما دفع الحكومة للتحرك عبر صياغة مشروع قانون يتوافق مع أحكام القضاء ويعالج الخلل القانوني القائم، من خلال تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل متوازن.
حوار مجتمعي موسع.. وتعديلات تستجيب للمطالب
وأشار فوزي إلى أن الحكومة أجرت حوارًا مجتمعيًا واسعًا شمل جميع الأطراف، بما في ذلك الملاك، والمستأجرين، والنقابات، وخبراء القانون، وممثلي الوزارات المعنية. وأثمر هذا الحوار عن تعديلات جوهرية في المشروع، أبرزها:
-
الفصل بين الوحدات السكنية وغير السكنية.
-
تمديد الفترة الانتقالية للوحدات السكنية من 5 إلى 7 سنوات.
-
إقرار أحقية المستأجر المتضرر وزوجته في الحصول على سكن بديل أو تعويض.
وأكد أن هذه التعديلات تستجيب للبعد الاجتماعي والاقتصادي، وتعكس مرونة الحكومة في التعامل مع مخرجات الحوار المجتمعي.

البدائل مضمونة.. لا طرد لأي مستأجر
نفى وزير الشؤون النيابية أي حديث عن “طرد المستأجرين” بعد انتهاء العلاقة التعاقدية، موضحًا أن مشروع القانون ينظم العلاقة بشكل طبيعي ويضمن البدائل السكنية المناسبة لمن يستحقونها وفقًا لضوابط تراعي العمر والحالة الاجتماعية والموقع الجغرافي.
وأضاف: “الحكومة لم ولن تستخدم مصطلح الطرد، بل تعمل وفق قواعد تضمن الكرامة والحقوق للمواطنين المتضررين، وتمنحهم الأولوية للحصول على بديل مناسب، سواء عبر السكن أو تعويض عادل”.
القانون في مصلحة المستأجرين.. والتمويل بأسعار خاصة
شدد فوزي على أن القانون الجديد ليس ضد المستأجر، بل على العكس، يوفر له مهلة انتقالية كافية (سبع سنوات)، مع زيادات محسوبة وغير مفاجئة، إضافة إلى آليات تمويل خاصة تضمن تيسير الانتقال إلى بدائل مناسبة.
وأضاف أن المتضررين من تنفيذ القانون ممن لهم أحقية مثبتة، سيتم تنظيم أوضاعهم وفق قواعد وأسعار خاصة تختلف عن نظم التمويل والإسكان التقليدية، وهو ما يعكس خصوصية القضية والحرص على العدالة الاجتماعية.
لفت وزير الشؤون النيابية إلى أن أزمة الإيجارات القديمة ليست حكرًا على مصر، بل واجهتها دول كثيرة من بينها ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، ولبنان، والمغرب، ونجحت في حلها بوسائل متعددة، مشيرًا إلى أن مصر تسلك طريقًا مشابهًا يعتمد على التدرج والمرونة والعدالة.
بيان تفصيلي عن المستأجرين الأصليين قريبًا
فيما يتعلق بالبيانات المطلوبة من البرلمان، أكد فوزي أن الحكومة قدمت معظم البيانات المطلوبة بالفعل، فيما يجري إعداد بيان إحصائي دقيق عن أعداد المستأجرين الأصليين بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على أن يتم تقديمه صباح اليوم التالي كحد أقصى.
وأوضح أن أهمية هذا البيان تأتي مع اقتراب التعداد الشامل للسكان في عام 2027، والذي سيوفر بيانات تفصيلية ومحدثة حول طبيعة العلاقة الإيجارية، وأعداد المستأجرين الفعليين.
82% من المشكلة في أربع محافظات فقط
كشف فوزي خلال الجلسة أن ما يقرب من 82% من مشكلة الإيجار القديم تتركز في أربع محافظات رئيسية، وهي: القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، والقليوبية، ما يجعل الجهود الحكومية تتركز على معالجة هذه المناطق بشكل خاص ضمن خطة الحل.
رسالة طمأنة من الحكومة: لا انحياز.. لا إقصاء.. بل عدالة
اختتم وزير الشؤون النيابية كلمته بالتأكيد على أن الحكومة والبرلمان لا ينحازان إلى طرف على حساب الآخر، لا إلى المالك ولا المستأجر، بل ينحازان فقط إلى العدالة والتوازن الاجتماعي، مشددًا على أن مشروع القانون يهدف إلى تصحيح تشوه تاريخي بمنتهى الموضوعية والمسؤولية، ويضع حدًا لأزمة اجتماعية امتدت عقودًا طويلة.