ودّعت مصر اليوم واحدًا من أبرز وجوه العمل الحكومي في العقود الأخيرة، الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية السابق، الذي رحل عن عالمنا اليوم الثلاثاء بعد صراع قصير مع مرض سرطان الرئة، والذي أعلن عن إصابته به في مارس الماضي.
مسيرة المصيلحي لم تكن عادية؛ فقد امتدت لأكثر من خمسة عقود بين القوات المسلحة والتعليم الأكاديمي، والقطاع الخاص والعمل التنفيذي في مناصب وزارية حساسة.
وترك بصمات واضحة في تطوير منظومات الحماية الاجتماعية والبنية التحتية للخدمات، وكان حضوره السياسي والإعلامي مثيرًا للجدل أحيانًا، لكن إنجازاته ظلّت حاضرة في ذاكرة الدولة والمواطنين.
آخر ظهور وتكريم رسمي
في مايو 2025، شهدت قاعة الاحتفالات تكريمًا خاصًا للمصيلحي من رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في دعم برامج الحماية الاجتماعية، خاصة برنامج “تكافل وكرامة” الذي كان حجر الزاوية في منظومة العدالة الاجتماعية بمصر.
وكان قد كشف في مارس من العام نفسه عن إصابته بسرطان الرئة، خلال أمسية دينية في مسقط رأسه بمحافظة الشرقية، حيث تحدث بصدق عن رحلته مع المرض التي بدأت بصداع وانتهت بتشخيص طبي دقيق، ليبدأ بعدها رحلة علاج قصيرة.
النشأة والتعليم
ولد علي المصيلحي في قرية أبوكبير بمحافظة الشرقية، ونشأ في بيئة ريفية شكلت شخصيته العملية والمثابرة.
- بكالوريوس بامتياز مع مرتبة الشرف من الكلية الفنية العسكرية عام 1971 في تخصص الهندسة الإلكترونية.
- ماجستير من جامعة باريس السادسة عام 1977.
- دكتوراه من إيكول بوليتكنيك بفرنسا عام 1980.
المسيرة المهنية والأكاديمية
بعد عودته إلى مصر، عمل بالكلية الفنية العسكرية رئيسًا لقسم الحاسب الآلي، ودرّس مواد متخصصة مثل:
- التصميم باستخدام الكمبيوتر.
- هندسة البرمجيات.
- تحليل وتصميم النظم.
وثم انتقل عام 1991 إلى القطاع الخاص كمدير تنفيذي لشركة تكنولوجيا معلومات، قاد خلالها مشروعات في قطاعات الصناعة والسياحة والبترول.
المناصب التنفيذية
- 1999: مستشار لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واضعًا ملامح الخطة القومية لتطوير القطاع.
- 2002: رئيس الهيئة القومية للبريد، حيث أطلق خطة إصلاح شاملة للتحديث والميكنة.
- 31 ديسمبر 2005: وزير التضامن الاجتماعي، وركّز على تطوير شبكات الأمان الاجتماعي.
- فبراير 2017 – يوليو 2024: وزير التموين والتجارة الداخلية، قاد خلالها إصلاحات في منظومة الخبز والدعم.
تصريحات مثيرة للجدل
كان المصيلحي معروفًا بتصريحاته المباشرة ففي يوليو 2017، وصف استهلاك 5 أرغفة خبز يوميًا بأنه “غير صحي”، وأشار إلى أن بعض المحافظات تستخدم الخبز كعلف للطيور وفي يناير 2021، أرجع إنجازات وزارته لتعاون جهات عدة بينها القوات المسلحة، مما أثار جدلًا تحت قبة البرلمان وفي 2024 ورد على الإعلامي أحمد موسى قائلًا: “بنعتذر لها جامد” في تعليق على غضب المواطنين من ارتفاع الأسعار.
الحياة الشخصية
كان المصيلحي متزوجًا، وله ابنان و3 أحفاد، وعضوًا نشطًا في أندية الروتاري، كما ظل مرتبطًا ببلدته أبوكبير، حيث أشرف على ممتلكات العائلة الزراعية حتى أيامه الأخيرة.