شهدت واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال قفزة قياسية خلال شهر يوليو الماضي، بعدما تجاوزت حاجز المليون طن، أي ما يزيد عن ضعف الكميات المستوردة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. هذه الطفرة تعكس التحركات السريعة التي اتخذتها وزارة البترول والثروة المعدنية لمواجهة ارتفاع الطلب على الطاقة، خاصة في قطاع الكهرباء خلال فصل الصيف، وتقليل انقطاعات التيار التي باتت تمثل تحديًا رئيسيًا أمام الحكومة والمواطنين.
وتأتي هذه الخطوة في ظل فجوة متزايدة بين الإنتاج المحلي واحتياجات الاستهلاك، مما دفع القاهرة إلى التوسع في استيراد الغاز المسال عبر التعاقد مع شركات عالمية كبرى، واستئجار وحدات تغويز جديدة قادرة على استقبال كميات ضخمة من الغاز وتحويلها إلى الشبكة القومية.
تشغيل وحدات التغويز لاستقبال الغاز
أوضح مصدر مسؤول بوزارة البترول أن تشغيل ثلاث وحدات تغويز رئيسية مكّن مصر من استقبال الكميات القياسية خلال يوليو، حيث استقبلت وحدة “هوغ جاليون” أكثر من 500 ألف طن عبر سبع شحنات، بينما استقبلت وحدة “إنيرجوس إسكيمو” نحو 280 ألف طن من خلال أربع شحنات، في حين استقبلت وحدة “إنيرجوس باور” أكثر من 200 ألف طن عبر ثلاث شحنات.
وتعمل هذه الوحدات على تحويل الغاز من حالته السائلة إلى الغاز الطبيعي ليُضخ مباشرة في الشبكة القومية، بما يضمن تلبية الطلب المتزايد.
استيراد الغاز لتلبية احتياجات الكهرباء
بدأت مصر منذ أبريل 2024 في استيراد الغاز المسال لتغطية الطلب المرتفع من قطاع الكهرباء، قبل أن توسع عمليات الاستيراد مطلع العام الحالي بالتعاقد على أربع وحدات تغويز إضافية.
ومن المنتظر أن تتزايد الكميات المستوردة خلال أغسطس مع دخول وحدة “إنيرجوس فورس” للخدمة عبر ميناء العقبة الأردني، بسعة تشغيلية تصل إلى 750 مليون قدم مكعب يوميًا.
مناقصات عالمية واستكشافات جديدة
إلى جانب الاستيراد، طرحت مصر مناقصة عالمية لإجراء مسح سيزمي جديد بهدف استكشاف المزيد من حقول الغاز، في إطار خطتها لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الواردات مستقبلاً.
تقديرات وتعاقدات بمليارات الدولارات
تشير تقديرات وكالة “ستاندرد آند بورز” إلى أن مصر ستقوم بشراء نحو 150 شحنة من الغاز المسال حتى صيف 2026، نصفها تقريبًا موجه لتغطية احتياجات عام 2025، فيما يخصص الباقي للعام التالي.
وتشمل التعاقدات شركات كبرى مثل: أرامكو، شل، فيتول، ترافيجورا، هارتري، BGN، سوكار.
فاتورة الاستيراد الضخمة
بحسب بيانات وزارة البترول، تبلغ فاتورة استيراد الغاز المسال والمازوت لتلبية احتياجات الكهرباء والصناعة خلال أشهر الصيف الأربعة نحو 9 مليارات دولار، تشمل تكلفة استئجار وحدات التغويز التي تصل قيمة الوحدة الواحدة منها إلى نحو 90 مليون دولار سنويًا.