بعد أسبوعين متتاليين من الخسائر التي أثارت قلق الأسواق العالمية، عادت أسعار النفط لتستقر خلال تعاملات الأمس، في وقت يشهد فيه العالم مزيجًا معقدًا من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي تؤثر مباشرة في حركة الأسعار.
ففي حين تجددت المخاوف بشأن استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتراجع فرص التوصل إلى اتفاق سلام، تلقت الأسواق دفعة من تراجع المخزونات الأمريكية بشكل فاق التوقعات، مما يعكس قوة الطلب المتزايد على الخام. وفي الخلفية، يظل المتعاملون يترقبون قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وسط إشارات من رئيسه جيروم باول بأن ميزان المخاطر في السياسة النقدية قد يتغير خلال الفترة المقبلة.
ويجعل هذا التداخل بين السياسة والاقتصاد، وبين الأزمات الجيوسياسية وحركة المخزونات العالمية، مستقبل أسعار النفط مفتوحًا على احتمالات متعددة، خاصة مع اقتراب اجتماع الفيدرالي في سبتمبر.
ارتفاع محدود في الأسعار بعد موجة خسائر
أنهت العقود الآجلة لخام برنت جلسة التداول مرتفعة إلى 67.73 دولارًا للبرميل بزيادة طفيفة بلغت 6 سنتات أو 0.09%، فيما صعدت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 63.66 دولارًا للبرميل بزيادة 14 سنتًا أو 0.22%.
وكان الخامان قد سجلا مكاسب تجاوزت 1% في الجلسة السابقة، ليغلقا بذلك سلسلة خسائر امتدت لأسبوعين متتاليين.
وعلى أساس أسبوعي، ارتفع خام برنت بنسبة 2.7%، فيما حقق خام غرب تكساس مكاسب بلغت 1.1%.
المخاوف الجيوسياسية تعود إلى الواجهة
أعاد المشهد الجيوسياسي القلق إلى الأسواق، إذ يرى المتعاملون أن فرص نجاح جهود الوساطة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين روسيا وأوكرانيا آخذة في التضاؤل.
وبعد أن كانت الآمال بالتوصل إلى تسوية سياسية قد ضغطت على الأسعار في الأسابيع الماضية، فإن عودة التوترات بددت هذه الآمال، ما يعزز توقعات بارتفاع المخاطر في سوق الطاقة العالمي.
بيانات المخزونات الأمريكية تدعم الأسعار
من العوامل التي أسهمت في دعم أسعار النفط أيضًا، بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي كشفت عن تراجع مخزونات الخام بمقدار 6 ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في 15 أغسطس، وهو تراجع أكبر بكثير من توقعات المحللين التي أشارت إلى انخفاض لا يتجاوز 1.8 مليون برميل.
ويعكس هذا التراجع المفاجئ في المخزونات استمرار قوة الطلب في السوق الأمريكية، وهو ما أعطى دفعة إضافية للأسعار بعد موجة الخسائر الأخيرة.
أنظار المستثمرين على قرار الفيدرالي
في موازاة التطورات في سوق النفط، تابعت الأسواق خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال اجتماع جاكسون هول السنوي في ولاية وايومنج.
باول أكد أن السياسة النقدية ما زالت ضمن نطاق التقييد، لكنه أشار إلى أن “ميزان المخاطر يبدو أنه يتحول” بين تحقيق التوظيف الكامل والحفاظ على استقرار الأسعار، ما اعتُبر تلميحًا إلى إمكانية تعديل السياسة النقدية قريبًا.
وتترقب الأسواق اجتماع الفيدرالي في سبتمبر المقبل، حيث تشير توقعات أداة CME FedWatch إلى احتمالية خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على حركة أسعار الطاقة خلال المرحلة المقبلة.