يشهد سوق الهواتف الذكية في مصر تحولات جوهرية خلال السنوات الأخيرة، حيث بدأت الدولة في تنفيذ استراتيجية شاملة تستهدف تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يساهم في تلبية الطلب المتزايد على الهواتف داخل السوق المصري.
وتشير التقديرات البحثية الحديثة إلى أن السوق يسير بخطى متسارعة نحو النمو، مدفوعًا بزيادة الإنتاج المحلي وارتفاع المبيعات، رغم التحديات التي تواجهه وعلى رأسها الرسوم الجمركية على بعض العلامات العالمية مثل “آيفون”.
وتجعل هذه التطورات من سوق الهواتف الذكية في مصر ساحة رئيسية للنمو التكنولوجي والاقتصادي، مع توقعات بأن يواصل الازدهار حتى عام 2031.
مبيعات سوق الهواتف الذكية في تصاعد مستمر
توقعت شركة الأبحاث “فيتش سوليوشنز”، التابعة لوكالة فيتش، أن يشهد سوق الهواتف الذكية في مصر نموًا قويًا خلال الفترة المقبلة، حيث سترتفع قيمة المبيعات من نحو 2.5 مليار دولار في عام 2025 إلى أكثر من 4.8 مليار دولار بحلول عام 2031، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 11.4%.
ويعكس هذا النمو الطلب الكبير والمتنامي على الهواتف الذكية في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده المجتمع المصري.
التوجه نحو التصنيع المحلي لتلبية الطلب وخفض التكاليف
لم يعد السوق المصري يعتمد بشكل كامل على استيراد الأجهزة من الخارج، بل اتجه إلى تجميع الهواتف محليًا لعلامات كبرى مثل:
- سامسونج
- أوبو
- شاومي
- فيفو
- نوكيا
ويأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية واضحة تستهدف تلبية الطلب المحلي وخفض تكاليف الاستيراد، بجانب دعم سلاسل الإمداد وتعزيز القيمة المضافة داخل السوق.
وقدّرت “فيتش” أن الإنتاج المحلي ارتفع من 1.5 مليون جهاز في 2021 إلى أكثر من 2 مليون جهاز في 2022، ليصل إلى نحو 3 ملايين جهاز في 2024. وفي المقابل، تراجعت واردات الهواتف من 1.8 مليار دولار في 2020 إلى نحو 54 مليون دولار فقط في 2024، وهو ما يعكس نجاح سياسة التحول نحو التجميع المحلي.
رسوم جمركية تثير الجدل في السوق
رغم مؤشرات النمو، واجه السوق جدلًا واسعًا بعد الزيادة المفاجئة في قيمة الرسوم الجمركية على هواتف آيفون، حيث رصد تجار ومستهلكون ارتفاعًا تراوح بين 29% و36.5% على أحدث الموديلات.
ورغم أن بعض المراقبين اعتقدوا أن هذه الزيادة تعود إلى تعديل رسمي في نسبة الرسوم الجمركية، أكدت مصادر مطلعة أن النسبة المقررة لا تزال ثابتة عند 38.5%، دون أي تغيير.
ويعود السبب الرئيسي وراء هذه الزيادة إلى تحديث الأسعار الاسترشادية على تطبيق “تليفوني”، بحيث تتماشى مع القيمة الحقيقية للأجهزة داخل السوق المصرية، وهو ما انعكس مباشرة على إجمالي الرسوم المحصلة من المستوردين.
التحول الاستراتيجي ومستقبل السوق
ويعد التحول من استيراد الهواتف كاملة إلى استيراد الأجزاء وتجميعها محليًا خطوة استراتيجية من الدولة المصرية لدعم الصناعة المحلية، وزيادة القيمة المضافة، وتقليل الضغط على العملة الأجنبية.
ومع استمرار هذا النهج، يتوقع أن يشهد قطاع التكنولوجيا والاتصالات في مصر نموًا مستدامًا، وأن يتحول السوق المصري إلى مركز إقليمي للتصنيع والتجميع يخدم الطلب المحلي وربما أسواقًا إقليمية مستقبلًا.