تشهد أسواق النفط العالمية حالة من التذبذب الملحوظ خلال الفترة الأخيرة، حيث تأثرت الأسعار بعوامل متعددة متشابكة، من بينها انخفاض الطلب على الوقود في الولايات المتحدة مع اقتراب نهاية موسم الصيف، والضغوط الأمريكية المتزايدة على الهند بشأن واردات النفط الروسي، إضافة إلى تحركات كبار المنتجين في تقليص أو رفع تخفيضاتهم الطوعية. هذه العوامل مجتمعة ألقت بظلالها على اتجاهات السوق، وخلقت حالة من الحذر لدى المتعاملين والمستثمرين على حد سواء.
ففي حين دعمت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأسعار عبر الإشارة إلى تراجع المخزونات، جاءت مؤشرات أخرى لتحد من مكاسب السوق، على رأسها زيادة المعروض وتباطؤ وتيرة السحب من المخزون، إلى جانب تطورات جيوسياسية متعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية.
وفي ظل هذه المتغيرات، يتابع المتداولون عن كثب السياسات الأمريكية القادمة، خاصة ما يتعلق بخفض أسعار الفائدة، والذي قد ينعكس بدوره على النشاط الاقتصادي ومن ثم على الطلب العالمي على النفط.

أسعار النفط بين الصعود والهبوط
شهدت أسعار النفط يوم الأربعاء تراجعًا محدودًا بعد أن كانت قد ارتفعت في الجلسة السابقة. فقد أغلقت عقود خام برنت منخفضة بمقدار 63 سنتًا أو 0.91% لتسجل 67.43 دولارًا للبرميل، بينما هبط خام غرب تكساس الوسيط 62 سنتًا أو 0.97% ليصل إلى 63.55 دولارًا للبرميل.
ويرجع هذا التراجع إلى إعادة تقييم المتعاملين للبيانات الأمريكية الأخيرة، حيث أظهرت الأرقام انخفاض المخزونات النفطية بمقدار 2.4 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 22 أغسطس، مقارنة بتوقعات المحللين عند 1.9 مليون برميل. ورغم أن الانخفاض أكبر من المتوقع، إلا أن وتيرة السحب بدت أضعف مقارنة بالأسبوع السابق، ما قلل من قوة الدفع الصعودية للأسعار.
تأثير نهاية موسم الصيف الأمريكي على الطلب
أوضح محللون أن انتهاء موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة مع عطلة “يوم العمال” يمثل نقطة تحول في الطلب على الوقود. فخلال هذا الموسم عادة ما يرتفع الاستهلاك، ومع نهايته يتراجع الطلب تدريجيًا، وهو ما يضع ضغوطًا إضافية على أسعار النفط خلال الفترة المقبلة.
الهند والضغوط الأمريكية بشأن النفط الروسي
من أبرز الملفات التي يراقبها المتداولون حاليًا رد فعل نيودلهي على قرار واشنطن مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات النفط الهندية إلى 50%. ورغم هذه الضغوط، يتوقع محللون استمرار الهند في شراء النفط الروسي على المدى القصير، ما قد يخفف من حدة تأثير القرار على الإمدادات العالمية.
المعروض النفطي وتأثير الهجمات الروسية الأوكرانية
ساهمت قرارات بعض الدول المنتجة في رفع مستويات الإنتاج عبر تخفيف التخفيضات الطوعية، في زيادة المعروض بالسوق، وهو ما حد من عوامل الدعم. يأتي ذلك في وقت تواصل فيه روسيا وأوكرانيا استهداف البنية التحتية للطاقة، حيث تسبب هجوم روسي بالطائرات المسيرة في انقطاع الكهرباء عن أكثر من 100 ألف شخص في 6 مناطق أوكرانية.
الفائدة الأمريكية كعامل دعم للسوق
على الجانب الاقتصادي، يظل ملف السياسة النقدية الأمريكية مؤثرًا بشكل مباشر في أسواق النفط. إذ إن احتمالية خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه في 16-17 سبتمبر المقبل قد تعزز النشاط الاقتصادي وتدفع نحو زيادة الطلب على النفط. وقد أكد جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، أن أسعار الفائدة مرشحة للانخفاض مستقبلًا، لكن القرار سيعتمد على قراءة البيانات الاقتصادية القادمة.