تسود حالة من الترقب الحذر في الشارع المصري والأسواق مع اقتراب صدور قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بشأن أسعار البنزين والسولار خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويأتي ذلك بعد انتهاء فترة العمل بالأسعار المقررة في يونيو الماضي، حيث ينتظر المواطنون ما إذا كانت الحكومة ستتجه إلى رفع جديد لأسعار الوقود، في إطار خطتها المعلنة لإنهاء دعم المحروقات تدريجيًا بحلول نهاية عام 2025.
وتتصاعد المخاوف والتوقعات مع تصريحات رسمية تشير إلى احتمالية تطبيق ثاني زيادة في أسعار الوقود خلال العام الجاري، وهو ما يضع ملف الطاقة مجددًا في دائرة الاهتمام، نظرًا لتأثيره المباشر على تكلفة المعيشة وأسعار السلع والخدمات.
الزيادات المحتملة في أسعار الوقود
كشف مصدر حكومي أن الحكومة تدرس حاليًا إقرار زيادة جديدة في أسعار البنزين والسولار خلال الشهر المقبل، موضحًا أن هذه الزيادة ستكون محدودة النطاق مقارنة بالتحركات السابقة.
وأشار إلى أن هذا التوجه تدعمه عدة عوامل، أبرزها تراجع معدلات التضخم، واستقرار سعر الصرف، إلى جانب وجود عقود قصيرة ومتوسطة الأجل لتلبية الاحتياجات البترولية، وهو ما يساعد في تقليص فجوة الاستيراد وتحقيق التوازن في السوق المحلي.
وكانت لجنة التسعير قد أقرت في اجتماعها الأخير في أبريل الماضي رفع الأسعار بواقع جنيهين للتر، ليصل سعر بنزين 80 إلى 15.75 جنيهًا، وبنزين 92 إلى 17.25 جنيهًا، وبنزين 95 إلى 19 جنيهًا، بينما ارتفع سعر السولار إلى 15.50 جنيهًا للتر.
خطة رفع الدعم التدريجي
أوضح نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن الحكومة قررت بعد زيادة أبريل عدم تحريك أسعار المحروقات لمدة ستة أشهر، وهو ما يعني أن الاجتماع المقبل للجنة التسعير لن يكون قبل أكتوبر 2025. ومع ذلك، أكد أن هناك خطة حكومية واضحة لرفع الدعم عن المحروقات تدريجيًا حتى نهاية العام الحالي، الأمر الذي يستلزم أكثر من زيادة للوصول إلى ما يُعرف بمستويات استرداد التكلفة، بحيث يتم تسعير الوقود وفق الأسعار العالمية مستقبلاً سواء صعودًا أو هبوطًا.
وأشار يوسف إلى أن تكلفة إنتاج البنزين 80 تقترب من 18 جنيهًا للتر، وهو ما يعكس الفجوة القائمة التي تحاول الحكومة سدها من خلال هذه الزيادات.
تراجع الفجوة بين التكلفة وسعر البيع
من جانبه، أكد وزير البترول كريم بدوي أن الفجوة بين تكلفة إنتاج الوقود وسعر بيعه تقلصت خلال الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ.
ففي حالة البنزين انخفضت الفجوة من 25% إلى ما بين 11% و15%، بينما تراجعت في السولار من 42% إلى نحو 31%. ويعكس هذا التراجع تحسن كفاءة منظومة التسعير والقدرة على تقليص الدعم تدريجيًا، بما يتماشى مع المستهدفات الاقتصادية للحكومة.
عوامل تحديد الأسعار
تعتمد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية على مجموعة من المؤشرات الأساسية في قراراتها، أبرزها أسعار النفط العالمية، وسعر صرف الدولار، إلى جانب تكاليف الإنتاج المحلي.
وتبقى هذه العوامل قادرة على دفع الأسعار للارتفاع أو الانخفاض مستقبلًا، وفقًا للتغيرات التي قد تطرأ على الأسواق الدولية والوضع الاقتصادي الداخلي.
ارتباط الأسعار ببرنامج صندوق النقد الدولي
تأتي هذه الخطوة في إطار التزام الحكومة ببرنامجها الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، والذي تبلغ قيمته 8 مليارات دولار.
ومن المقرر أن تبدأ المراجعتان الخامسة والسادسة للبرنامج خلال الشهر الجاري، بالتزامن مع زيارة بعثة من الصندوق إلى القاهرة، حيث يعد ملف إصلاح دعم الطاقة أحد أبرز المحاور المطروحة للنقاش.
تقليص مخصصات دعم الوقود في الموازنة
وكان مجلس النواب قد أقر موازنة العام المالي الجديد 2025-2026، والتي تضمنت خفضًا كبيرًا في مخصصات دعم الوقود بأكثر من 50%، لتصل إلى 75 مليار جنيه فقط، مقارنة بنحو 154.5 مليار جنيه في موازنة 2024-2025. ويعكس هذا التراجع توجهًا واضحًا نحو إنهاء الدعم تدريجيًا وتحميل المستهلك التكلفة الحقيقية للطاقة.