تشهد أسواق المعادن الثمينة حالة من النشاط الاستثنائي خلال الفترة الأخيرة، في ظل تصاعد الأزمات الجيوسياسية واضطراب الأسواق المالية العالمية. وبينما يواصل الذهب تسجيل مستويات تاريخية جديدة، تبرز الفضة بقوة كلاعب رئيسي في ميدان “الملاذات الآمنة”، حيث واصلت أسعارها العالمية صعودها القياسي لتسجل أعلى مستوياتها منذ أكثر من 14 عامًا.
ويعكس هذا التحول اللافت في مسار الفضة، والتي اعتاد المستثمرون وصفها بـ”ذهب الرجل الفقير”، حجم الإقبال عليها كأداة تحوط استثمارية في مواجهة التقلبات الاقتصادية، وسط توقعات بأن تطرق أبواب الخمسين دولارًا للأوقية خلال الفترة القريبة المقبلة.
صعود قياسي للفضة عالميًا ومحليًا
كشفت شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات المصرية أن عقود الفضة لشهر ديسمبر ارتفعت إلى 42.29 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ عام 2011، وبزيادة تقارب 40% منذ بداية 2025.
أما في السوق المصرية، فقد ارتفع سعر الفضة بنسبة 36% منذ مطلع العام، لينتقل من 48 جنيهًا للجرام إلى أكثر من 65 جنيهًا حاليًا، ما يعزز مكانتها كخيار استثماري بارز.
الذهب والفضة.. سباق الملاذات الآمنة
أشارت الشعبة إلى أن موجة صعود الفضة تسير بالتوازي مع القفزات التاريخية للذهب، لتؤكد أن الفضة لم تعد مجرد معدن تابع، بل أصبحت منافسًا حقيقيًا في سباق الأصول الآمنة.
ويذكر أن أعلى سعر تاريخي للفضة وصل إلى 50.36 دولارًا للأوقية في يناير 1980، وهو ما يجعل المستويات الحالية قريبة من إعادة اختبار ذلك السقف.
خفض الفائدة الأمريكية.. المحرك الأبرز
ترى شعبة المعادن أن العامل الأساسي وراء موجة الصعود يتمثل في التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة الأمريكية بدءًا من اجتماع الفيدرالي منتصف سبتمبر.
ومن المرجح أن تشهد الأسواق 3 خفضيات للفائدة خلال 2025 عقب بيانات الوظائف السلبية، ما يزيد من جاذبية الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب والفضة، ويقلل في الوقت نفسه من جاذبية السندات والشهادات الادخارية.
تقلبات السندات والأسهم تعزز جاذبية الفضة
أوضحت الشعبة أن تقلبات أسواق السندات العالمية ومخاوف التضخم ومبيعات الديون الحكومية تدفع المستثمرين نحو المعادن الثمينة. كما أن حالة عدم اليقين بشأن استقلالية الفيدرالي الأمريكي زادت من قلق المستثمرين.
وأشارت إلى أن شهر سبتمبر تاريخيًا هو الأصعب على أسواق الأسهم الأمريكية، يليه أكتوبر، ما يخلق بيئة متوترة في أسواق المال والعملات ويمنح الفضة دفعة إضافية كأداة استثمارية آمنة.
الفضة.. منافس قوي ومستقبل واعد
أكدت شعبة المعادن أن الفضة لم تعد مجرد “ظل للذهب”، بل أصبحت أداة استثمارية مؤثرة بحد ذاتها، مع احتمالية كبيرة أن تتجاوز مستوى 50 دولارًا للأوقية في المدى القريب.
وباستمرار التوترات الجيوسياسية والمخاطر المالية العالمية، تبدو الفضة أمام مرحلة جديدة قد تجعلها أحد أبرز اللاعبين في أسواق الاستثمار خلال الفترة المقبلة.