سجلت البورصة المصرية خلال عام 2025 أداءً استثنائياً، جعلها تتجاوز جميع المستويات التاريخية السابقة، متفوقة حتى على ما حققته عقب قرار تحرير سعر الصرف فى 2024، فقد قفز المؤشر الرئيسى «EGX30» منذ بداية العام ليصل إلى نحو 36,300 نقطة وهو الأعلى فى تاريخه على الإطلاق، بينما ارتفع مؤشر «EGX70» للشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تقارب 31% مسجلاً 10,750 نقطة، وهو كذلك مستوى قياسى لم يبلغه من قبل.

وتشير بيانات البورصة الرسمية إلى أن رأس المال السوقى ارتفع بشكل لافت، إذ قفز من 2.170 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024 إلى نحو 2.516 تريليون جنيه فى ختام جلسة 19 أغسطس 2025، أى بزيادة 11.7% خلال أقل من ثمانية أشهر، وهذه الزيادة تعكس التدفق الكبير للسيولة وتنامى شهية المستثمرين، فضلاً عن الثقة المتنامية فى قوة السوق المصرية.
أما على مستوى المؤشرات، فقد واصل «EGX30» تسجيل مكاسب بنسبة 16.2% ليقفز من 29,740 نقطة فى نهاية 2024 إلى أكثر من 34,550 نقطة حتى منتصف أغسطس، فيما ارتفع «EGX70» بنسبة 26.7% من 8,143 نقطة إلى ما يتجاوز 10,300 نقطة، ولم يكن مؤشر «EGX100» بعيداً عن هذه الارتفاعات، حيث صعد بنسبة 24.3% ليسجل حوالى 13,946 نقطة، كذلك، شهد مؤشر «EGX33» للشركات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ارتفاعاً بنسبة 14.2% مسجلاً 3,524 نقطة.
عوامل داعمة للارتفاع
يرى الخبراء أن هذه القفزات التاريخية لم تأتِ من فراغ، بل تعكس مزيجاً من العوامل الاقتصادية والمالية الإيجابية. فقد استفادت السوق من تحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد، خاصة تراجع التضخم بشكل ملحوظ واستقرار سعر الصرف، بجانب قيام البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة، الأمر الذى حفّز المستثمرين على توجيه سيولتهم نحو الأسهم بدلاً من الأدوات الادخارية، كما لعبت نتائج الأعمال القوية للشركات المقيدة، وبالأخص شركات القطاع العقارى، دوراً رئيسياً، حيث تمكنت بعض الشركات من تحقيق إيرادات ضخمة عبر بيع وحدات متميزة للمستثمرين فى الداخل والخارج.
حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، أكدت أن البورصة المصرية أصبحت متعطشة للطروحات الجديدة، مشيرة إلى أن الإدارة الجديدة للسوق مطالبة بالإسراع فى تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية والخاصة، والذى ينتظره المستثمرون منذ فترة طويلة كوسيلة لتعزيز عمق السوق وزيادة أحجام التداول، وأوضحت أن التداولات اليومية وصلت فى بعض الجلسات إلى نسب تقارب 10% من الأسهم المقيدة، وهو ما يعكس النشاط القوى فى السوق.
توقعات مستقبلية واعدة
وبالنظر إلى المستقبل، تتوقع رمسيس استمرار موجة الصعود خلال الأشهر المقبلة، مرجحة أن يصل المؤشر الرئيسى «EGX30» إلى مستوى 38,000 نقطة قبل نهاية 2025، بينما قد يصعد «EGX70» إلى حوالى 12,500 نقطة، مدعوماً بزيادة إقبال المستثمرين الأفراد، ولا سيما الشباب، بعد انتشار التطبيقات الإلكترونية للتداول عبر الهواتف المحمولة.
من جانبه، أشار الدكتور أحمد السيد، أستاذ الاقتصاد والتمويل، إلى أن سوق المال المصرى يُعد من أكثر أسواق المنطقة عمقاً وتنوعاً، لافتاً إلى أن أحد مديري المؤسسات المالية العالمية أكد له أنه لا يمكن تكوين محفظة استثمارية فى الشرق الأوسط دون تضمين أسهم من البورصة المصرية، وأضاف أن استقرار الأوضاع الاقتصادية والإقليمية، إلى جانب عودة قناة السويس إلى العمل بكامل طاقتها، سيشكلان دفعة قوية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وبذلك، يتضح أن البورصة المصرية فى عام 2025 لا تسجل مجرد أرقام قياسية عابرة، بل تؤسس لمرحلة جديدة من النمو المدعوم بعوامل هيكلية واقتصادية، تجعلها أحد أبرز أسواق المال الجاذبة فى المنطقة، وقادرة على لعب دور محورى فى تمويل الاستثمارات ودعم الاقتصاد الوطنى خلال السنوات المقبلة.