يترقب الشارع المصري مصير أسعار الكهرباء خلال الفترة المقبلة، خاصة مع انتهاء العمل بالتعريفة الحالية في 30 يونيو الماضي، وما صاحب ذلك من تكهنات حول زيادات جديدة. وبينما يعيش المواطن المصري حالة من القلق من احتمالية ارتفاع الفواتير، كشفت مصادر حكومية أن شهر سبتمبر الجاري لن يشهد أي زيادة في أسعار الكهرباء، في ظل حرص الدولة على الحفاظ على وتيرة تراجع معدلات التضخم، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين. هذا القرار يعكس نهجًا جديدًا يوازن بين متطلبات الإصلاح الاقتصادي والالتزامات الدولية وبين الاستقرار الاجتماعي والقدرة الشرائية للأسر المصرية.
لا زيادات في سبتمبر 2025
أكد مصدر حكومي أن الحكومة لا تعتزم فرض أي زيادات في أسعار الكهرباء خلال سبتمبر، موضحًا أن الأولوية الآن تتمثل في الاستمرار بخفض معدلات التضخم. وكان التضخم قد سجل خلال يوليو الماضي ثاني تباطؤ متتالٍ بعد ثلاثة أشهر من الارتفاع، لينخفض إلى 13.9% مقابل 14.9% في يونيو، ما اعتبرته الحكومة مؤشرًا إيجابيًا يجب دعمه عبر استقرار أسعار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء.
خفض الفائدة يعزز الاستقرار الاقتصادي
شهدت السياسة النقدية تحولات مهمة في الفترة الأخيرة، حيث قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، في اجتماعها يوم 28 أغسطس، خفض أسعار الفائدة بنسبة 2% لتصل إلى 22% للإيداع و23% للإقراض و22% للعملية الرئيسية.
ويعكس هذا القرار ثقة البنك المركزي في مسار التضخم النزولي، ويفتح المجال أمام دورة جديدة من التيسير النقدي. وأشار المصدر الحكومي إلى أن الفوائد الاقتصادية المحققة من استقرار الأسعار وانخفاض التضخم تفوق أي عوائد مالية قد تنجم عن رفع أسعار الكهرباء في الوقت الراهن.
تأجيل الزيادة إلى يناير 2026
أوضح المصدر أن السيناريو الأقرب يتمثل في تأجيل الزيادة المحتملة بأسعار الكهرباء حتى نهاية العام الجاري، على أن يبدأ تطبيقها رسميًا اعتبارًا من يناير 2026 بعد موافقة مجلس الوزراء.
ولفت إلى أن الدولة تمتلك مرونة كبيرة في هذا الملف بفضل عدة عوامل، أبرزها نجاح قطاع الطاقة في تأمين احتياجاته من الغاز الطبيعي بأسعار أقل من المستويات العالمية عبر اتفاقيات قصيرة ومتوسطة الأجل، بجانب التحسن الملحوظ في سعر الجنيه أمام الدولار مؤخرًا.
زيادات مرتقبة بنسب متفاوتة
من جانب آخر، كشف مصدر بوزارة الكهرباء أن الزيادة الجديدة التي ستطبق مطلع 2026 ستتراوح بين 10% و15%، مع استهداف الشرائح كثيفة الاستهلاك بزيادات أكبر مقارنة بالشرائح الأقل استهلاكًا. وسيبدأ التطبيق أولًا على العدادات مسبقة الدفع، قبل أن يتم تعميمه على العدادات التقليدية، بحيث تتحمل الشرائح الأعلى استهلاكًا العبء الأكبر من الزيادة، في محاولة لتخفيف الضغط عن الفئات محدودة الدخل والأقل استهلاكًا للكهرباء.
التزامات مع صندوق النقد الدولي
أكدت المصادر أن قرار الزيادة يأتي في إطار التزامات مصر مع صندوق النقد الدولي، الذي يشترط الوصول بأسعار الطاقة إلى مستوى التكلفة الفعلية بحلول ديسمبر 2025. وأوضحت أن الدعم الحالي للكهرباء لا يصل إلى الفئات الأكثر احتياجًا بالشكل الأمثل، مما يستدعي إعادة هيكلة الدعم وتوجيهه بكفاءة. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن مخصصات دعم الطاقة في مصر مرشحة للارتفاع إلى 180 مليار جنيه في موازنة 2027-2028، ثم 190 مليار جنيه في 2028-2029، قبل أن تعاود الانخفاض إلى 166 مليار جنيه في 2029-2030.
بين الاستقرار الاقتصادي والبعد الاجتماعي
تؤكد الحكومة أن قرار تأجيل الزيادة لا يعني التراجع عن برنامج الإصلاح الاقتصادي، بل يمثل خطوة توازن بين متطلبات هذا البرنامج وبين ضرورة الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. فبينما تواصل الدولة الوفاء بالتزاماتها أمام المؤسسات الدولية، فإنها في الوقت نفسه تراعي الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنون، وتسعى لتقليل الأعباء من خلال تأجيل تطبيق الزيادة حتى مطلع 2026.